تحضير دروس الفلسفة لآساتذة التعليم الثانوي مسابقة 2016 - الجزء الثالث - - مدونة الرسائل الجامعية العربية

السبت، 26 مارس 2016

تحضير دروس الفلسفة لآساتذة التعليم الثانوي مسابقة 2016 - الجزء الثالث -

تحضير دروس الفلسفة لآساتذة التعليم الثانوي مسابقة 2016 - الجزء الثالث -




الفلسفة الغربية الحديثة



الفلسفة الغربية الحديثة:    

   تقديم : غالبا ما يربط مؤرخو الفلسفة بداية الفلسفة الحديثة بديكارت. و هكذا يلقبونه أب الفلسفة الحديثة. فما هي الخصائص العامة التي تميز هذه الفلسفة؟       تعتبر الفلسفة الحديثة فترة تأسيس لعهد جديد و إحداث قطيعة مع الماضي، من خلال ظهور جهاز مفاهيمي جديد، و كذا تحول على المستوى الإشكالي. و هكذا فقد تم إعطاء الأسبقية في الفلسفة الحديثة لمبحث المعرفة على مبحث الوجود، الذي كانت له الأولوية في العصور السابقة.   و الإشكال الرئيسي في الفلسفة الحديثة هو إشكال معرفي، يتمثل في التساؤل عن إمكانية وحدود المعرفة البشرية، وعن الكيفية التي تكون بها هذه المعرفة ممكنة.   وقد تميزت الفلسفة الحديثة بسيادة نزعة الأنسنة humanisme  التي أعادت الاعتبار للعقل البشري، و آمنت بقدرته على فهم العالم و السيطرة على الطبيعة.   و هكذا أصبح الاعتقاد بأن العالم لم يعد غريبا، و بأن الطبيعة بإمكانها البوح بكل أسرارها، فقط يجب أن تتوفر الوسائل اللازمة لذلك.    
   ·        نماذج من الفلسفة الغربية الحديثة:  
  
   -         روني ديكارت : René descartes  ( 1596 – 1650)    

      هو الفيلسوف الفرنسي الكبير روني ديكارت. عاش في القرن 17 م يلقب بأب الفلسفة الحديثة، و هو زعيم النزعة العقلانية الحديثة rationnalisme، له عدة مؤلفات من بينها :”مقال في المنهج”،” تأملات ميتافيزيقية”، “قواعد لقيادة العقل” .  

    -         إشكال النص: ما هو المنهج الذي اعتمده ديكارت للوصول إلى الحقيقة؟   
    -      
  الجواب عن الإشكال :        يقوم المنهج عند ديكارت في بدايته على الشك في كل الأفكار المتداولة و التي لم يفحصها بنفسه فحصا عقليا.   هكذا صرح ديكارت بأنه يجد اللذة القصوى في اكتشاف الحجج بنفسه، لا في الإصغاء لحجج الغير.   كما أن المنهج عند ديكارت يقوم على قواعد يقينية، إذا ما اعتمدها العقل توصل إلى الحقيقة. و يمكن الحديث هنا عن أربع قواعد رئيسية وضعها ديكارت:    
  أ- قاعدة الشك أو البداهة: و هي تعني أنه يجب الشك في كل الأفكار الملتبسة و الغامضة، و أن لا أقبل من الأفكار إلا ما يبدو بديهيا متميزا و واضحا في الذهن.    
   ب- قاعدة التحليل أو التقسيم: و هي تعني أنه يجب علي أن أقسم المشكلة إلى أبسط أجزائها، و أن أحل كل جزء على حدة ليسهل علي حل المسألة ككل.      
 ج‌-قاعدة التركيب أو النظام: و هي تعني أنه يجب التدرج في حل المسألة ابتداءا بأبسط عناصرها إلى أعقدها.       د‌-قاعدة الإحصاء أو المراجعة: وهي تعني أنه يجب علي القيام بمراجعة للنتائج حتى أتأكد أني لم أغفل أي شيء.       ·        و هناك  إشارة واضحة في النص لقاعدة النظام، حيث يقول ديكارت:   ·            < القاعدة الحالية تعلمنا أنه لا ينبغي الإقبال على أصعب الأشياء و أشدها تعقيدا، بل الاهتمام  أولا بالتعمق في أبسط الفنون و أقلها شأنا، و خاصة تلك التي يسود فيها النظام اكثر من غيرها> نص : ص 27          
- الشك عند ديكارت: هو شك منهجي، أي أنه مجرد وسيلة لبلوغ الحقيقة، بخلاف الشك المذهبي الذي يتخذه أصحابه غاية بحيث ينكرون على العقل كل قدرة على بلوغ الحقيقة. و هكذا فقد شك ديكارت في كل شيء لأسباب من بينها خداع الحواس و وجود شيطان ماكر يخدعه، لكنه مع ذلك لم يستطيع أن يشك في الشك نفسه. و ما دام الشك نوع من التفكير، فقد استنتج ديكارت أنه يفكر. و ما دام يفكر فهو موجود. من هنا صاغ ديكارت ما أصبح يعرف بالكوجيطو: <أنا أفكر، إذن أنا موجود> cogito ergo Sum      

 - إيما نويل كانط: (Emmanuel Kant) 1804- 1724  

       هو الفيلسوف الألماني إيما نويل كانط من أبرز فلاسفة عصر الأنوار (القرن 18م). من أهم مؤلفاته : <نقد العقل الخالص> <أسس ميتافيزيقا الأخلاق>….       ·    
    أسئلة حول النص:       -         كيف تتحدد علاقة العقل بالطبيعة حسب النص؟   -         هل يمكن للعقل – حسب النص- أن ينتج المعرفة انطلاقا من مبادئه الذاتية؟   -         ما هي وظيفة مثالي التلميذ و القاضي في النص؟       ·  

     الأجوبة:       -   إن للعقل حسب كانط  تخطيطاته الخاصة، و مبادئه الذاتية التي تجعله يرغم الطبيعة على الإجابة عن أسئلته دون أن يستسلم لها. هكذا فالطبيعة و موضوعاتها هي التي تدور في فلك العقل، و ليس العكس. و هذا ما جعل كانط يحدث ثورة كوبرنيكية في مجال المعرفة الفلسفية؛ حيث لم يعد العقل يدور في فلك العالم يبحث عن معرفة موجودة فيه، بل أصبح العالم يدرك و تتم معرفته انطلاقا مما يحتوي عليه العقل من مقولات و مبادئ قبلية.   -  يشير كانط في النص إلى أن العقل يتقدم نحو الطبيعة من أجل معرفتها، ممسكا بإحدى يديه مبادئه و باليد الأخرى التجربة. و هذا معناه أن عملية المعرفة عند كانط تتطلب شرطيين أساسيين : الشرط الأول يتمثل في المبادئ القبلية للعقل و الشرط الثاني : يتمثل في معطيات التجربة الحسية. لذلك فالعقل لا يمكنه لوحده أن ينتج المعرفة العلمية الصحيحة. و في هذا الصدد يقول كانط:   <المبادئ القبلية بدون حدوس حسية جوفاء و فارغة، و الحدوس الحسية بدون مبادئ قبلية عمياء و غامضة>      

 -   يقدم لنا كانط مثالي التلميذ و القاضي ليبين لنا علاقة العقل بالطبيعة؛ فالعقل لا يتعامل مع الطبيعة بالصدفة و التلقائية و دون تخطيط مسبق، كما أنه لا يطرح عليها إلا الأسئلة التي بإمكانه الإجابة عنها وفقا لمبادئه و قدراته الذاتية. و لذلك فهو لا يشبه في ذلك التلميذ الذي يسمح لنفسه بأن يقول كل ما يحلو له للمعلم.      
-   أما علاقة القاضي بالشهود، فإنها مماثلة لعلاقة العقل بالطبيعة حسب كانط (الحجة بالمماثلة). فالقاضي يحضر أسئلة و يرتبها و يدقق فيها، لكي يرغم الشهود على الاعتراف، و هو في ذلك يشبه العقل الذي انطلاقا من مبادئه القبلية و مقولاته يرغم الطبيعة على الإجابة عن أسئلته.           ·      

  مفاهيم:     
     

   العقل  raison : هو ملكة خاصة بالإنسان يستخدمها من اجل التفكير و الاستدلال، و أيضا من أجل     التمييز بين الحق و الباطل و بين الخير و الشر.      
 -         الحدس  intuition : هو معرفة مباشرة بموضوع ما دون أية وسائط. و لذلك فهو يأتي في مقابل الاستدلال كمعرفة غير مباشرة.        
   -   القبليa priori  : يشير إلى مبادئ أو أطر مستقلة عن التجربة، في مقابل البعدي  a postériori   الذي يشير إلى المبادئ و المعارف التي تستند على التجربة، أي على واقعة ملاحظة.            
-    المقولات catégories  : هي مفاهيم عامة تعبر عن العلاقات التي يمكننا إقامتها بين أفكارنا،                  مثل : الجوهر، الكيف، الكم…    
  -   البداهةévidence : هي ما لا يمكن أن يكون موضوع شك. و هي تدل عند ديكارت على الفكرة الموسومة بالوضوح و التميز بحيث تفرض نفسها على الفكر دون حاجة إلى إثبات أو برهان.      
 -   الحكمjugement : هو عملية عقلية يتم بموجبها الربط بين حدين أو مفهومين يسمى أحدهما موضوعا والآخر محمولا مثل : الشجرة مثمرة.    
  -   الجوهر substance: ما هو ثابت في الأشياء المتغيرة. إنه حامل الأعراض أو الصفات المتغيرة.    
  -   الشك doute  : وضع الشيء موضوع تساؤل و قد يكون ذلك قصد الوصول إلى الحقيقة (الشك المنهجي)، و قد يكون غاية في حد ذاته ( الشك المذهبي) .            

  خلاصة تركيبية:     الفلسفة الحديثة    

       لقد عملت الفلسفة الحديثة على تقديم تصورات جديدة للذات و الحقيقة و العالم. كما اهتم فلاسفتها بمسألة المنهج الذي من شأنه أن يؤدي إلى المعرفة الصحيحة. و هكذا اعتمد ديكارت على الشك كمنهج يمكن من الاحتراس من الوقوع في الخطأ، و يؤدي إلى المعرفة اليقينية. كما عمل على صياغة قواعد لحسن قيادة العقل و تمكينه من التفكير بكيفية سليمة .     و فيما بعد جاء كانط و قام بنقد العقل و تشريحه، قصد التساؤل عن الشروط التي تجعل المعرفة الصحيحة ممكنة. وقد قدم كانط تصورا جديدا للعقل و لبنيته و للكيفية التي  تتم بها عملية المعرفة.      و على العموم فقد عرف العصر الحديث اعتزازا كبيرا بالعقل، و بقدرته على السيطرة على الطبيعة و بناء الأنساق الفلسفية الكبرى.الفلسفة الغربية الحديثة


-----------------------------------------------------


"المذهب العقلـي"


تعريف :العقلانية مذهب فكري يزعم أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى الوحي الإلهي أو التجربة البشرية وكذلك يرى إخضاع كل شيء في الوجود للعقل لإثباته أو نفيه أو تحديد خصائصه.
ويحاول المذهب إثبات وجود الأفكار في عقل الإنسان قبل أن يستمدها من التجربة العملية الحياتية أي أن الإدراك العقلي المجرد سابق على الإدراك المادي المجسد.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

العقلانية مذهب قديم جديد بنفس الوقت. برز في الفلسفة اليونانية على يد سقراط وأرسطو، وبرز في الفلسفة الحديثة والمعاصرة على أيدي فلاسفة أثَّروا كثيراً في الفكر البشري أمثال: ديكارت وليبنتز وسبينوزا وغيرهم.

رينيه ديكارت 1596 – 1650م فيلسوف فرنسي اعتمد المنهج العقلي لإثبات الوجود عامة ووجود الله على وجه أخص وذلك من مقدمة واحدة عُدت من الناحية العقلية غير قابلة للشك وهي: "أنا أفكر فأنا إذن موجود".

ليبنتز: 1646 – 1716م فيلسوف ألماني، قال بأن كل موجود حي وليس بين الموجودات مِنْ تفاوت في الحياة إلا بالدرجة – درجة تميز الإدراك – والدرجات أربع: مطلق الحي أي ما يسمى جماداً، والنبات فالحيوان فالإنسان.

وفي المجتمع الإسلامي نجد المعتزلة تقترب من العقلانية جزئيًّا، إذ اعتمدوا على العقل وجعلوه أساس تفكيرهم ودفعهم هذا المنهج إلى تأويل النصوص من الكتاب والسنة التي تخالف رأيهم. ولعل أهم مقولة لهم قولهم بسلطة العقل وقدرته على معرفة الحسن والقبيح ولو لم يرد بها شيء. ونقل المعتزلة الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية.

وقد فنَّد علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل ثم جاء بعد ذلك ابن تيمية وردَّ عليهم ردًّا قويًّا في كتابه درء تعارض العقل والنقل وبيّن أن صريح العقل لا يمكن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل. وهناك من يحاول اليوم إحياء فكر المعتزلة إذ يعدونهم أهل الحرية الفكرية في الإسلام، ولا يخفى ما وراء هذه الدعوة من حرب على العقيدة الإسلامية الصحيحة، وإن لبست ثوب التجديد في الإسلام أحياناً.

العقائد والأفكار:

تعتمد العقلانية على عدد من المبادئ الأساسية هي:

العقل لا الوحي هو المرجع الوحيد في تفسير كل شيء في الوجود.

يمكن الوصول إلى المعرفة عن طريق الاستدلال العقلي وبدون لجوء إلى أية مقدمات تجريبية.

عدم الإيمان بالمعجزات أو خوارق العادات.

العقائد الدينية ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي.

الجذور الفكرية والعقائدية:

كانت العقلانية اليونانية لوناً من عبادة العقل وتأليهه وإعطائه حجماً أكبر بكثير من حقيقته. كما كانت في الوقت نفسه لوناً من تحويل الوجد إلى قضايا تجريدية.

وفي القرون الوسطى سيطرت الكنيسة على الفلسفة الأوروبية، حيث سخَّرت العقل لإخراج تحريفها للوحي الإلهي في فلسفة عقلية مسلَّمة لا يقبل مناقشتها.

وفي ظل الإرهاب الفكري الذي مارسته الكنيسة انكمش نشاط العقل الأوروبي، وانحصر فيما تمليه الكنيسة والمجامع المقدسة، واستمرت على ذلك عشرة قرون.

وفي عصر النهضة ونتيجة احتكاك أوروبا بالمسلمين – في الحروب الصليبية والاتصال بمراكز الثقافة في الأندلس وصقلية والشمال الإفريقي – أصبح العقل الأوربي في شوق شديد لاسترداد حريته في التفكير، ولكنه عاد إلى الجاهلية الإغريقية ونفر من الدين الكنسي، وسخَّر العقل للبعد عن الله، وأصبح التفكير الحر معناه الإلحاد وذلك أن التفكير الديني معناه عندهم الخضوع للفقيد الذي قيدت به الكنيسة العقل وحجرت عليه أن يفكر.

يتضح مما سبق :

أن العقلانية مذهب فكري فلسفي يزعم أن الاستدلال العقلي هو الطريق الوحيد للوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود، بدون الاستناد إلى الوحي الإلهي أو التجربة البشرية، وأنه لا مجال للإيمان بالمعجزات أو خوارق العادات، كما أن العقائد الدينية يمكن، بل ينبغي أن تختبر بمعيار عقلي، وهنا تكمن علله التي تجعله مناوئاً ليس فقط للفكر الإسلامي، بل أيضاً لكل دين سماوي صحيح.

----------------------


كيف يمكن فهم الاشكالية القائلة بانه قد تختلف مضامين المذاهب الفلسفية ولاتختلف صورها المنطقية.؟

المشكلة الاولى(( في العقلانية والتجريبية))

(( اذا كان لكل من المذهبين العقلاني والتجريبي في مجال مصدر المعرفة نسقه المنطقي، واذا كان لايعقل- لهذا السبب- رفضهما او رفض احدهما، فايهما نتبنى وايهما نرفض، وهل يجوز الاخذ بهما معا على الرغم من تنافرهما؟

المدخل الى الموضوع:

الوضعية المشكلة هي وضعية المذيع الذي يتحاور مع شاب يبحث في العقلانية.

المذهب العقلاني

يطلق اسم العقلانية على كل نزعة فكرية تقدس العقل وتجعل منه المصدر الاول لكل معرفة سواء كانت هذه المعرفة في مجال اللاهوت او في مجال الاخلاق او في أي مجال محسوس كان او مجردا.
وهي نزعة تتعارض مع اللاعقلانية، لان هذه الاخيرة تأخذ بمصدر آخرغير مصدر العقل.، ولذلك يمكن اعتبارالنزعات الفكرية السحرية الخرافية او الروحية او اصحاب التجربة الحسية نزعات مقابلة ومتعارضة مع المذهب العقلاني.
• تاريخيا يمكن اعتبار فلسفة افلاطون وارسطو والواقيين وفرقة المعتزلة في الفكرالاسلامي، فلسفات عقلانية باعتبارها فلسفات تعتمد العقل مبدا اوليا لها.
• الا ان مؤرخي الفلسفة يرون ان الصورة الواضحة للعقلانية تجسدت بقوة في فلسفة الفرنسي رونيه ديكارت في القرن السابع عشرالملقب في الغرب بأب الفلسفة الحديثة، لانه رد الاعتبار للعقل واعاد له هيبته وسلطانه بعد ان هدمته مدرسة الشكاك التي تزعمها الفرنسي مونتاني(توفي سنة 1592م) في القرن 16عشر.
• ثم لانه رفض السلطة الدينية التي مثلتها الكنيسة في العصور الوسطى، من خلال الخطاب الديني الذي كان يجسده الفرنسي المسيحي باسكال بقوله((ان الايمان نوع من المقامرة التي يضحي فيها الانسان بعقله من اجل عقيدته.)) ص94/ك/م/المقرر، ثم لانه الوحيد الذي ثار وبجرأة ضد العلم الارسطي ونسقه المنطقي.
ثم تجسدت العقلانية ايضا في فلسفة الذين جاؤوا من بعده امثال سبينوزا ولايبنتز ومالبرانش، ولكن بشيء من الاختلاف في مسألة متعلقة بالله والعقل.

مسلمات العقلانية:

1. العقل هو مصدرواصل كل معرفة سواء كانت مادية او مجردة، فهو مصدر الهام للفلاسفة وعلماء الاخلاق وعموم الناس.
2. العقل صفة جوهرية ثابتة تميز الانسان عن الحيوان، وليست الحواس، لان الحواس موضوعها العالم المادي فقط ومعرفتها متغيرة لاتثبت على حال، وقيمة الصفات تكمن في الثابت وليس في المتغير منها.
3. العقل قوة فطرية طبيعية يولد الانسان مزودا بها خلقة ومنة من الله وهو صفة عالمية يشترك فيها جميع البشر دون استثناء ويحتكمون اليه ويثقون باحكامه، وفي ذلك يقول ديكارت(( العقل هو احسن الاشياء توزيعا بين الناس، اذ يعتقد كل فرد انه اوتي منه الكفاية..... يتساوى بين كل الناس بالفطرة.))
4. العقل يتضمن مباديء صارمة تمتاز بالبداهة والوضوح في ذاتها وتدرك ادراكا حدسيامباشرا، تساعده في الوصول الى الحقيقة.وهي مباديء اسستها الارادة الربانية الثابتة والمطلقة في كل انسان.
5. احكام العقل وحقيقته تمتاز بالكلية والشمولية وهي صادقة صدقا ضروريا، وسابقة عن كل تجربة، ولايتطرق اليها الشك، فهي يقينية وخالدة في الزمان والمكان.

الخلاصة:

النتيجة التي آل اليها المذهب العقلاني هي قولهم بالعقل اولا ثم بعد ذلك تأتي التجربة والحواس.




المذهب التجريبي او مذهب الحسي


هو نزعة فكرية ترى ان بلوغ الحقيقة عند الانسان - كيفما كانت طبيعتها علمية او اخلاقية- تكون عن طريق تجربة الانسان النابعة من الحواس، وهي بذلك تتناقض مع النزعة العقلانية ، وتجسد ذلك التناقض من خلال الجدل الواضح الذي دار بينهما في القرنين 17و18 عشر.
تاريخيا بدأت التجريبية كمفهوم فلسفي تقليدي مع فلاسفة القرن السابع والثامن عشر وتزعمها فلاسفة الانجليز فرنسيس بيكون وديفيد هيوم وجون لوك.
واستمرت التجريبية في مفهومها الحديث بنفس الصيغة التقليدية وتجسدت في الفلسفات النفعية والتطورية وفي الفلسفة الوضعية المنطقية في القرنين19و20.اذ اتجهت التجريبية في بدايتها الى الاهتمام بموضوع المعرفة لكن اتسع مجال بحثها عند المحدثين لتشمل كل حقول المعرفة.

مسلمات التجريبية:

1. العلم في كل صوره يرتد الى التجربة والحواس.
• يقول جون لوك(( ليس في العقل شيء جديد الا وقد سبق وجوده في الحس اولا.))
• من فقد الحاسة فقد المعاني المتعلقة بها مثل شكل الشيء او لونه او رائحته او طعمه او ملمسه، فالكفيف مثلا لايمكنه الاحاطة بكل صفات الشيء لأنه لايبصر.
• ان الحواس هي المرجع الاول الذي تقاس به صحة الافكار وحقيقتها، فاذا كانت الفكرة محسوسة كانت صادقة والا فهي مجرد وهم واختلاق من العقل.
• ان مفهومي السببية والحتمية مفهومان طبيعيان يستوحيهما الانسان من واقعه الحسي والتجريبي وليس من العقل، فاكتشاف علاقة العلة بالمعلول اصله الواقع الذي تعود مشاهدته الانسان باستمرار.
• فالعادة لدى هيوم هي الاداة الحقيقية التي نفسر بها فكرة التتابع السببي بين العلة والمعلول في حدوث الظواهر،وليس للعقل أي دور في الوصول بمفرده الى فكرة السببية دون حواس، فالعلية حسب التجريبيين مجرد عادة ذهنية تنشأ عند الناس كلما شاهدوا حادثتين متتابعتين في الوقوع، فيميل الانسان الى تفسير الحادثة السابقة بالعلة والحادثة اللاحقة بالمعلول. فالعلية عند التجريبيين مبدأ بعديا اكتشفناه عن طريق الحواس والتجربة ولم يكن مبدا قبليا سابقا عليهمااكتشفناه عن طريق العقل او الحدس.

2. نقد المذهب العقلاني في أصوله:

• رفض التجريبيون الافكار الفطرية الموروثة التي يعتقد بها العقلانيون.
• كما رفضوا المباديء العقلية التي تتصف بالبداهة والوضوح، وقالوا بانها مباديء لم تكتمل بعد على شكل نهائي، وانها لاتزال غير كلية ولا يعتقد كل الناس بصحتها، وانها في تطور مستمر وبطيء جدا ولم تصل بعد الى العالمية والثبات.
• كما رفضوا القول بالقواعد الخلقية الاولى والفطرية.لان الانسان لايولد مدركا للخير وللشربل يتعلمه.
• كما انكروا القول بالحدس الذي يدرك به العقلانيون البديهيات الرياضية والمنطقية، وقالوابان اساس البديهيات والاوليات الرياضية والمنطقية هي الحواس.
• العقل لايستطيع ان ينشيء بالفطرة المعاني والتصورات وليس له القدرة على خلع صفة الصدق على ما ينتجه من معرفة، لان احكامه متغيرة في الزمان والمكان.
• لانه لوكانت مباديء المعرفة فطرية موروثة-كم يعتقد العقلانيون-للزم عن ذلك ان يتساوى جميع الناس في العلم بها، اذ ثبت ان مباديء العقل لايعرفها الا قلة من الناس وهم المثقفون فقط، ويجهلونها الاطفال والمعتوهون والهمج وعموم الناس، ولهذا السبب نلاحظ اختلاف الناس في مباديء اخلاقهم وهذا الاختلاف يقضي بان مباديءالمعرفة ليست فطرية وغير مطلقة وليست كلية ولا شمولية وليست صادقة صدقا ضروريا بل مباديء المعرفة نسبية تختلف باختلاف الشعوب والحضارات عبر الزمان والمكان.
• الفلسفة العقلانية حسب التجريبيين فلسفة ميتافيزيقية مجردة قد تشوش حقيقة الاشياء، مما دعا بديفيد هيوم الى انكارالتفكير العقلي الميتافيزيقي انكارا بلغ حده بان دعا الى احراق كل كتاب لايقوم على الرياضيات والتجربة.
الخلاصة: المعرفة عند التجريبيين هي التجربة اولا ثم العقل ثانيا وليس العكس.


مذهب الفلسفة النقدية:


مذهب قال به الالماني ايمانويل كانط 1724/1804م اشتهر بكتابين هما نقد العثل النظري ونقد العقل العملي وهما الكتابين اللذين بسببهما سميت فلسفته بالفلسفة النقدية ومن خلاله استطاع تجاوز التعارض التقليدي بين العقلانيين والتجريبيين الحسيين في مجال المعرفة والاخلاق والارادة.
1. في مجال المعرفة:
اصل المعرفة في الفلسفة النقدية هو تركيب بين العقل والتجربة.
يقول كانط (( ان الادراكات الحسية بغير المدركات العقلية عمياء، وقوانين الفكر هي قوانين الاشياء ايضا.))
وفي هذا السياق يقول الالماني ازفالد كولبي oswald kulpe 1862/1915.
((ويفسر النقديون العلم بانه نتيجة اجتماع عاملين احدهما صوري يرجع الى طبيعة العقل ذاته، والاخر مادي يتكون من الاحساسات الداخلة في الادراكات الحسية، فاذا لم يوجد احد هذين العاملين استحال وجود علم حقيقي.))
يؤيد الفلسفة النقدية الالماني هيغل 1770/1831م من خلال فلسفته المثالية الجدلية ومنطقها التأليفي او التركيبي في المعرفة والتي قال فيها (( ان ماهو عقلي هو واقعي وما هو واقعي هو عقلي)).
2. في مجال الاخلاق:
أقام كانط اخلاقا سماها باخلاق الواجب على ثلاثة مباديء عقلية متكاملة وثابتة، وهي وجود الله وخلود الروح وارادة الانسان الحرة.
فالانسان برايه يفعل الخيرلانه يؤمن بان الله موجود يراقب افعالنا ويحاسبنا عليها،ولانه يؤمن بان الانسان يموت لكن نفسه تنتقل الى عالم الخلود فتحاسب من الله على ما فعلت، ولان ارادة الانسان حرة ومستقلة فهي بذلك مسؤولة عن الافعال المنبثقة عن هذه الارادة.
3. في مجال الارادة:
تحرك ارادة الانسان مجموعة من الاوامر قسمها الى نوعين هما:
• اوامر شرطية ومقيدة لارادة الانسان لانها تلزمه باتباع الوسائل لبلوغ الغايات، وهي اومر لايشعر المرء فيه بالحرية، كأن يقال لك ((اذا اردت ان تكون سعيدا فكن صالحا.))
• اوامر مطلقة وقطعية لاتلزم الانسان من الخارج بل يلتزم بها من ذاته لانها تنبع من عقله ويتقبلها عن طواعية وبارادة حرة منه، وهي اوامر مثلها مثل مباديء العقل المطلقة خالدة في الزمان والمكان ولاتهدف الى تحقيق أي غاية تذكرمن الفعل، كأن يقول لك شخصا ما ((كن صالحا وكفى)). وفي هذا السياق يقول كانط: (( اعمل بحيث تكون ارادتك .........هي الارادة المشرعة الكلية.)).

الخاتمة (( حل المشكلة)):

من خلال تحليلنا للمذهبين العقلي والحسي التجريبي تبين لنا عدم امكانية رفضهما معا ، لان لكل واحد منهما تحليلا متماسكا لقضاياه التي يعالجها، فكل مذهب صادق بالنظر الى سياقه او نسقه او منطقه العام.
وقد أنجب الجدل بين المذهبين مذهبا فلسفيا جديدا امتاز بالديناميكية سمي بالفلسفة النقدية الكانطية، وهو مذهب استطاع ان يهذب التنافر التقليدي السكوني بين العقلانيين والتجريبيين.

المشكلة الثانية:

في المذهب البراغماتي والمذهب الوجودي

السؤال المشكلة:
أي المسعيين نحتاج اليه، المسعى الداعي الى العمل النافع في الحياة، ام المسعى الداعي الى رجوع الانسان الى ذاته الباطنية لتحقيق ماهيته ومن ثمة تحمله تبعات كل ما يترتب عن ذلك من قلق؟

المذهب البراغماتي(( الذرائعية))

• لغويا لفظة براغمة pragma في اللغة اليونانية معناها العمل والمزاولة، وادرج هذا اللفظ في كتاب الفيلسوف تشارلز بيرس الامريكي (( كيف نجعل افكارنا واضحة؟))
• كمصطلح هي فلسفة عملية لا تؤمن بالتنظيرالمجرد والاجوف الذي لانجني منه فائدة في حياتنا اليومية، وتقول بان الافكارالصحيحة والحقيقيةلا تكمن في بداهتها او وضوحها او كليتها وانما تكمن في نجاحها واقعيا وذلك بتقديمها لنا خدمة عملية مباشرة في حياتنا اليومية ، وتعرف ايضا باسم الفلسفة الذرائعية لانها تنظر الى الفكر الفلسفي والعلمي على انه وسيلة لتحقيق منافع للانسان فردا كان او جماعة.
• نشأت البراغماتية في امريكا في مطلع القرن 20العشرين على يد ثلاثة فلاسفة امريكيين مشهورين هم وليام جيمس 1842/1910م وتشارلز بيرس 1839/ 1914م وجون ديوي 1859/1952م في مجتمع صناعي جد متطوروهو المجتمع الامريكي، وهي فلسفة تدعو الى ضرورة انصراف فكر الانسان عن التفكير الميتافيزيقي المجرد والاقبال على العمل استجابة لضرورات العصر ومقتضياته.
• كما نقدت البراغماتية فلسفة التجريبيين لانها فلسفة تأخذ بالحواس فقط وتنكر قضايا الدين والايمان.
• كما حملت على الفلسفات العقلية والمثالية الكلاسيكية (( ديكارت وهيغل)) لانها تعالج قضاياها وتحلها حلولا نظرية مجردة بعيدة عن واقع الانسان وحياته العملية.

من مسلماتها:

1. العبرة بالنتائج المترتبة عن الافكاروليس بالافكار في ذاتها :أي ان كل فكرة يبدعها الانسان ولا نجن من ورائها منفعة في حياتنا اليومية تعد فكرة خرافية او اسطورة خيالية يجب رفضها مهما كانت درجة بداهتها او وضوحها او صدقها في ذاتها، فالصدق الحقيقي للافكارهو في نفعها عمليا، فالصدق والمنفعة صفتان تلازمان كل فكرة، وفي هذا السياق يقول وليام جيمس: (( اسمي الفكرة صادقة حين ابدأ بتحقيقها تحقيقا تجريبيا، فاذا ما انتهيت من التحقيق وتأكدت من سلامة الفكرة سميتها نافعة.)) 
2. نعم للافكار المجردة ولكن بشرط ان تحقق لنا منفعة عملية مباشرة في حياتنا اليومية.
3. نعم للمعتقد الديني ايضا اذا كانت افكاره تعود على الانسان بالفائدة.
4. العبرة بالنتائج الناجحة من الافكاريقول وليام جيمس: ((ان آية الحق النجاح، وآية الباطل الاخفاق.))
ويقول ايضا: (( الفكرة الصادقة هي تلك التي تؤدي الى النجاح في الحياة.))

الخلاصة: 

الفلسفة البراغماتية ترفض التفكير في المباديء والاوليات وتقول بالنتائج والغايات.



المذهب الوجودي: L’existentialisme

اطلق اسم الوجودية على هذه الفلسفة لانها ترى ان وجود الانسان سابق عن ماهيته وليس العكس، وهذا معناه ان ما يكون عليه الانسان في المستقبل لايحدده له غيره بل وجود الشخص هو ذاته الذي يحدد بارادته ما سيكون عليه في المستقبل، وتحظى هذه الفكرة بأجماع لدى كل الوجوديين ودون استثناء.
اذا كانت الفلسفات القديمة اهتمت بالبحث في الوجود ومحاولة التعرف على علله البعيدة ومبادئه الاولى وتضحي بالفرد في سبيل المجموع، فان الفلسفة الوجودية تحصر جهودها في الاهتمام بالوجود الانساني الواقعي المفرد والمشخص،وتعتبر دراسة ومعرفة وجود الانسان اهم واولى من دراسة الوجود العام، فقسمت الوجود الى صنفين:
• وجود في ذاته: ويقصد به الاشياء او الظواهرالخارجية القابلة للدراسة العلمية، وهي موجودات ثابتة غير متحركة لانها تخضع لنظام ثابت مطرد محتوم لايتغير.
• وجود لذاته: ويقصد به الوجود الانساني الذي يشعر به كل فرد في عالمه الذاخلي، وهو وجود متحرك وغير ثابت ومتمرد على النظام الذي يخضع له عالم الموجودات الاخرى.
• ومن خلال هذا التقسيم ثارت الوجودية ضد كل فلسفة لايكون موضوعها الرئيس وجود الانسان ومعاناته في هذا الوجود،فانتقدت الوجودية الفلسفات الكلاسيكية العقلية والمثالية التي مثلها كل من ديكارت وهيغل واعتبرتها فلسفات ميتافيزيقية مجردة بعيد عن واقع الانسان المتغير.
• كما اغتاضت الوجودية من العلم والعلماء لانهم شيؤوا الانسان وعمموا احكاما علمية لاتصدق عليه، لان الانسان برايهم لا يشبه الموجودات الاخرى فهو الكائن الوحيد الذي يملك شعورا وعقلا وارادة تميزه عن غيره من الموجودات الاخرى.
• تأسس المذهب الوجودي في القرن السابع العاشرعلى يد الفيلسوف الدانماركي سيرين كياركيجارد kierkegard 1813/1855م واشتهر بنقده لفلسفة هيغل المثالية، واعتبر الاب الاول للوجودية المعاصرة، كما مثل هذا المذهب فلاسفة جاؤوا من بعده هم الالماني كارل ياسبيرس 1883/1969م والفرنسي غابريال مارسال 1989/1973م والالماني هيدجر1889/1976م والفرنسي جون بول سارتر1905/1980م
• كما تحددت معالم الفلسفة الوجودية بوضوح من خلال كتابين احدهما وضعه الفيلسوف الوجودي الالماني هيدغر عام 1927م وعنوانه(( الوجود والزمان))، وثانيهما وضعه الفيلسوف الوجودي الفرنسي سارترعام 1943م وعنوانه (( الوجود والعدم)).

مسلمات الوجودية:

• الوجود سابق عن الماهية: الانسان هو الذي يحقق وجوده الذي يرغب فيه بارادته ووعيه، وليس هناك قالب جاهز يحدد له ماذا سيكون عليه في المستقبل.
• التمرد على نظام الاشياء: نظرا لخاصية العقل والحرية والارادة في الانسان ، فانه هو الموجود الوحيد الذي بامكانه التمرد على القوانين التي تحكم عالم الاشياء.
• المعرفة عند الوجوديين تأتي من العالم الداخلي للانسان، أي عن طريق الشعور اوالحدس ولا تأتي من عالم الاشياء، فالشعور حسب سارتر اساس الفن والادب والفلسفة، وبمأن الوجودية لاترضى ان تبقى الذات منطوية على نفسها، فأن الشعورلابد ان يكون شعورا بموضوع ما أي من العالم الخارجي.
• الانسان في الفكلر الوجودي حر في اختيار تصرفاته حرية مطلقة، وحرية الاختيارتخلق الشعور بالمخاطرة وينشأ هذا الشعور من امكانية النجاح او الاخفاق في هذا الاختيار، فيتولد القلق والضيق والحيرة واليأس، وفي هذا السياق يقول كيركيجارد(( ان الاختيار يجر الى الخطيئة والى المخاطرة، والمخاطرة بطبعها تؤدي الى القلق واليأس.)).
• القلق من الموت: يطرح الوجوديون سؤالا له وقع شديد الالم عند الملحدين منهم، لان الموت لديهم تعني العدم، فيتساءلون اذا كان لابد من الموت، فما جدوى هذه الحياة؟
• مصدر الصراع والنزاع بين الناس هو اختلاف وجهات النظرفيما بينهم، وهذا الصراع مدعاة للقلق واليأس والتشاؤم عند الوجوديين الملحدين امثال هيدجر وسارتر، ولكن اليأس فتنة عابرة عن الوجوديين المسيحيين المؤمنين امثال كيركيجارد وكارل ياسبيرس وغابريال مارسال، فالتفاؤل والامل والعمل والابداع والشعور بالحرية والمسؤولية والالتزام بالقيم لديهم هو الذي يصنع الحياة ويجعلها مستصاغة. 

الاستنتاج:

لايمكن رفض البراغماتية والوجودية معا او تبني احدهما دون الاخر، لكن الحكمة تقتضي منا التعرف عليهما واستثمار هذه المعرفة في حياتنا العملية بما يتناسب مع قناعاتنا الشخصية وموروثنا العقائدي والاجتماعي.
الخلاصة العامة
وكخلاصة عامة لما ذكرناه فان المذاهب الفلسفية قد تتعدد وقد تختلف اشكالها ومضامينها، لكن لايعني ذلك انها لاتتفق ولا تتقارب فيما بينها، بل هي فلسفات تملك نسقا فكريا خاصا بها يمتاز بالتماسك والانسجام يصل المقدمات بالنتائج في حلقات متسلسلة ومنطقية تشرح ذلك المضمون وتبرره، وينبغي على كل فرد تثمين مجهودات اصحابها واستثمار هذه المجهودات الفكرية فيما يخدمنا في حياتنا، بما يتناسب مع قناعاتنا وميولنا وارثنا الديني والاجتماعي، كما لاينبغي التعصب لمذهب واعتبار المذاهب الاخرى مارقة او عدوانية او تافهة اوما شابه ذلك. 


البنيوية

التعريف : 

 البنيوية: منهج(*) فكري وأداة للتحليل، تقوم على فكرة الكلية أو المجموع المنتظم. اهتمت بجميع نواحي المعرفة الإنسانية، وإن كانت قد اشتهرت في مجال علم اللغة والنقد الأدبي، ويمكن تصنيفها ضمن مناهج النقد المادي الملحدة. 

- اشتق لفظ البنيوية من البنية إذ تقول: كل ظاهرة، إنسانية كانت أم أدبية، تشكل بنية، ولدراسة هذه البنية يجب علينا أن نحللها (أو نفككها) إلى عناصرها المؤلفة منها، بدون أن ننظر إلى أية عوامل خارجية عنها. 

التأسيس وأبرز الشخصيات: 

= كانت البنيوية في أول ظهورها تهتم بجميع نواحي المعرفة الإنسانية ثم تبلورت في ميدان البحث اللغوي والنقد الأدبي وتعتبر الأسماء الآتية هم مؤسسو البنيوية في الحقول المذكورة: 

- ففي مجال اللغة برز فريدنان دي سوسير الذي يعد الرائد الأول للبنيوية اللغوية الذي قال ببنيوية النظام اللغوي المتزامن، حيث أن سياق اللغة لا يقتصر على التطورية Diachronie، أن تاريخ الكلمة مثلاً لا يعرض معناها الحالي، ويمكن في وجود أصل النظام أو البنية، بالإضافة إلي وجود التاريخ، ومجموعة المعاني التي تؤلف نظاماً يرتكز على قاعدة من التمييزات والمقابلات، إذ إن هذه المعاني تتعلق ببعضها، كما تؤلف نظاماً متزامناً حيث أن هذه العلاقات مترابطة. 

- وفي مجال علم الاجتماع برز كلا من: كلود ليفي شتراوس ولوي التوسير الذين قالا: إن جميع الأبحاث المتعلقة بالمجتمع، مهما اختلفت، تؤدي إلى بنيويات؛ وذلك أن المجموعات الاجتماعية تفرض نفسها من حيث أنها مجموع وهي منضبطة ذاتياً، وذلك للضوابط المفروضة من قبل الجماعة. 

- وفي مجال علم النفس برز كل من ميشال فوكو وجاك لا كان اللذين وقفا ضد الاتجاه الفردي Test is Contest في مجال الإحساس والإدراك وإن كانت نظرية الصيغة (أو الجشتلت) التي ولدت سنة 1912م تعد الشكل المعبر للبنيوية النفسية. 

الأفكار والمعتقدات : 

إن دراسة أي ظاهرة أو تحليلها من الوجهة البنيوية. يعني أن يباشر الدارس أو المحلل وضعها بحيثياتها وتفاصيلها وعناصرها بشكل موضوعي، من غير تدخل فكره أو عقيدته الخاصة في هذا، أو تدخل عوامل خارجية (مثل حياة الكاتب، أو التاريخ) في بنيان النص. وكما يقول البنيويون: "نقطة الارتكاز هي الوثيقة لا الجوانب ولا الإطار Test is Contest وأيضاً: "البنية تكتفي بذاتها. ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي من العناصر الغريبة عن طبيعتها". 

وكل ظاهرة – تبعاً للنظرية البنيوية – يمكن أن تشكل بنية بحد ذاتها؛ فالأحرف الصوتية بنية، والضمائر بنية، واستعمال الأفعال بنية.. وهكذا. 

= تتلاقى المواقف البنيوية عند مبادىء عامة مشتركة لدى المفكرين الغربيين، وفي شتى التطبيقات العملية التي قاموا بها، وهي تكاد تندرج في المحصلات التالية: 

- السعي لحل معضلة التنوع والتشتت بالتوصل إلى ثوابت في كل مؤسسة بشرية. 

- القول بأن فكرة الكلية أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية، والمردُّ التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة. 

- لئن سارت البنيوية في خط متصاعد منذ نشوئها، وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة، والعلوم الإنسانية والفنون، فإنهم ما اطمأنوا إلى أنهم توصلوا، من خلالها، إلى المنهج الصحيح المؤدي إلى حقائق ثابتة. 

= في مجال النقد الأدبي، فإن النقد البنيوي له اتجاه خاص في دراسة الأثر الأدبي يتخلص: في أن الانفعال والأحكام الوجدانية عاجزة تماماً عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، لذا يجب أن تفحصه في ذاته، من أجل مضمونه، وسياقه، وترابطه العضوي، فهذا أمرٌ ضروري لا بد منه لاكتشاف ما فيه من ملامح فنية مستقلة في وجودها عن كل ما يحيط بها من عوامل خارجية. 

= إن البنيوية لم تلتزم حدودها، وآنست في نفسها القدرة على حل جميع المعضلات وتحليل كل الظواهر، حسب منهجها، وكان يخيل إلى البنيويين أن النص لا يحتاج إلا إلى تحليل بنيوي كي تنفتح للناقد كل أبنية معانيه المبهمة أو المتوارية خلف نقاب السطح. في حين أن التحليل البنيوي ليس إلا تحليلاً لمستوى واحد من مستويات تحليل أي بنية رمزية، نصيّة كانت أم غير نصيّة. والأسس الفكرية والعقائدية التي قامت عليها، كلها تعد علوماً مساعدة في تحليل البنية أو الظاهرة، إنسانية كانت أم مأدبية. 

= لم تهتم البنيوية بالأسس العَقَديَّة والفكرية لأي ظاهرة إنسانية أو أخلاقية أو اجتماعية، ومن هنا يمكن تصنيفها مع المناهج(*) المادية (*) الإلحادية(*)، مثل مناهج الوضعية في البحث، وإن كانت هي بذاتها ليست عقيدة وإنما منهج وطريقة في البحث. 

الجذور الفكرية والعقائدية: 

تعد الفلسفة(*) الوضعية لدى كونت، التي لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية – التي تقوم على الوقائع التجريبية – الأساس الفكري والعقدي عند البنيوية. 

فهي تؤمن بالظاهرة – كبنية – منعزلة عن أسبابها وعللها، وعما يحيط بها.. وتسعى لتحليلها وتفكيكها إلى عناصرها الأولية، وذلك لفهمها وإدراكها.. ومن هنا كانت أحكامها شكلية كما يقول منتقدوها، ولذا فإن البنيوية تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصورنا الفكري والعقدي. 

أماكن الانتشار: 

البنيوية منهج مستورد من الغرب، وتعد أوروبا وأمريكا أماكن انتشارها، وأرضها الأصلية. وهي تنتشر ببطء في باقي بلاد العالم، ومنها البلاد العربية. 

يتضح مما سبق: 

أن البنيوية منهج فكري نقدي مادي ملحد غامض، يذهب إلى أن كل ظاهرة إنسانية كانت أم أدبية تشكل بنية، لا يمكن دراستها إلا بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلفة منها، ويتم ذلك دون تدخل فكر المحلل أو عقيدته الخاصة ونقطة الارتكاز في هذا المنهج(*) هي الوثيقة، فالبنية، لا الإطار، هي محل الدراسة، والبنية تكفي بذاتها ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي عنصر من العناصر الغريبة عنها، وفي مجال النقد الأدبي، فإن الانفعال أو الأحكام الوجدانية عاجزة عن تحقيق ما تنجزه دراسة العناصر الأساسية المكونة لهذا الأثر، ولذا يجب فحصه في ذاته من أجل مضمونه وسياقه وترابطه العضوي، والبنيوية، بهذه المثابة، تجد أساسها في الفلسفة الوضعية لدى كونت، وهي فلسفة لا تؤمن إلا بالظواهر الحسية، ومن هنا كانت خطورتها 


----------------------------------


الفلسفة التحليلية


أو فلسفة التحليل (بالإنجليزية: analytic philosophy) هي المدرسة الفلسفية التي تجعل الفلسفة منصبة على اللغة وتحليلاتها للتخلص مما يشوب التعبيرات اللغوية من لبس أو غموض أو خلط أو زيف. وتعتبر المدرسة الفلسفية الأشد شيوعا بين فلاسفة البلدان الناطقة بالإنكليزية. تُميَّز الفلسفة التحليلية عن القارية الشائعة في دول غرب أوروبا غير الناطقة بالإنجليزية باعتمادها بشكل رئيسي على أفكار مؤسيسها من جامعة كامبردج: جورج .إي مور وبرتراند راسل. لكن كليهما في النهاية كان متأثرا بأفكار ومؤلفات الفيلسوف الألماني جوتلوب فريجه، والعديد من الفلاسفة الرواد في المنحى التحليلي أتوا أساسا من ألمانيا والنمسا.
المنطق وفلسفة اللغة يعتبران أساسيين في الفلسفة التحليلية منذ بداياتها. ومع أن سيطرة هذين العلمين خفت تدريجيا، فإن العديد من توجهات الفكرية نشأت انطلاقا من التوجه المنطقي اللغوي للفلسفة التحليلية. من ضمن هذه التوجهات الناشئة: الوضعانية المنطقية، التجربانية المنطقية، الذرية المنطقية، فلسفة اللغة العادية. الفلسفات التحليلية اللاحقة تتضمن أعمالا مكثفة في الأخلاقيات، الفلسفة السياسية، فلسفة الدين، فلسفة اللغة، فلسفة الذهن. أخيرا، برزت أيضا الميتافيزيقيا ضمن فروع الفلسفة التحليلية.


مشاركة مع اصدقاء