الاستثناء على القاعدة النحوية
الوصف:
إن سعة العربية وتنوع نصوصها بين الشعر والنثر يتعارض مع وجود قاعدة نحوية مطردة لا استثناء عليها، ولما كانت الحاجة إلى وضع النحو ملحة ولهجات العرب متنوعة تشكلت استثناءات على القواعد النحوية لأسباب عدة، من مثل: توافر مصادر سماع كانت قد أهملتها منهجية الاستقراء النحوي القائمة على التحديد الزماني والمكاني تلبية لغايات المحافظة على لغة القرآن الكريم من اللحن والفساد وغايات تعليمها للناشئة من أبناء العرب والأعاجم. فسجل النحاة في نطاق استقرائهم لنصوص العربية بعض مظاهر التطور والتغير، والتي غالبا ما كانت تتولد في اللغة اتساعا واستجابة لحركة الحياة، فأوردوا وجهين لكثير من القواعد النحوية وجها يمثل القاعدة الأصل وأخر يمثل ما يستثنى عليها، ويكون فرعا لها أو مستدركا عليها فالاستثناء على القاعدة النحوية ظاهرة خاصة جديرة بالالتفات لأنه وجه أخر مكمل لصورة القاعدة، وصورة صادقة لأعراف المتحدثين، يدخل فيها ما كان عدولا عن الأصل وكذلك ما عد شاذا أو قليلا أو نادرا أو ضرورة، وعليه فإن هذه الدراسة تستمد أهميتها من البعدين التاليين: 1- توجه جل العناية في الدرس النحوي إلى القواعد النحوية المطردة، وتشتت القواعد المستثناة عليها في سياقات متناثرة هامشية، لم تظهر بعد- فيما أعلم- بدراسة شاملة متكاملة. 2- يقوم الاستثناء على القاعدة على ركيزة رئيسة تحكم أسبابه وتوجهاته تتمثل في إدراك ما للتراكيب اللغوية من خصوصيات، فالتركيب اللغوي لا يقوم في فراغ، بل يستند إلى عناصر الخطاب والمقام، ولا ريب أن ربطه بسياقاته يخلصه من التعليل العقلي، ويجعل الدرس النحوي ذا فائدة عظيمة، وفيه الكثير من التيسير على أبناء العربية. وتتكون الدراسة من مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة تناولت في التمهيد معنى الاستثناء ودواعي نشأة النحو ومراحل تطوره. وفي الفصل الأول تناولت الأسس التي أقيم عليها الاستثناء، والتي هي: طريقة جمع المادة وسعة العربية، والتعليل النحوي، والقياس، وأحكام النحاة. في الفصل الثاني الاستثناءات على قواعد ظواهر نظام الجملة العربية: ظاهرة الاسناد، ظاهرة العلامة الإعرابية، ظاهرة الرتبة، ظاهرة التلازم، ظاهرة المطابقة، ظاهرة التعريف والتنكير. وفي الفصل الثالث تناولت الأسباب المعنوية والجمالية التي تظهر الاستثناء على القاعدة النحوية. ولا شك أن ظاهرة الاستثناء على القاعدة ظاهرة لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها تصور لنا حقيقة هذه اللغة، وأنها ظاهرة إنسانية اجتماعية لا يمكن لها أن تبقي رهينة قواعد نحوية شكلية تركز في عمومها على العوامل ...
----------------
--------------------------------