تحضير دروس التاريخ مسابقة اساتذة المتوسط 2016 - مدونة الرسائل الجامعية العربية

الجمعة، 25 مارس 2016

تحضير دروس التاريخ مسابقة اساتذة المتوسط 2016


تحضير دروس التاريخ مسابقة اساتذة المتوسط 2016




الحضاره اليونانيه / الحضارة الرومانية

الحضارة اليونانية في الواقع له معنى كبير في الحضارة الغربية. دونالد كاغان وفقا لد، وأستاذ من جامعة ييل في محاضرته حول "مقدمة في التاريخ اليوناني (2007)" وقال أن "مواقف الإغريق عند النقطة الأكثر أهمية بدءا من الحضارة الغربية، التي هي ثقافة أن معظم ليس فقط بقوة الأشكال الغرب اليوم ولكن معظم دول العالم. "في الواقع، كان الحضارة اليونانية لا أحد المراكز الأربعة حضارات العالم. ولكن، خلافا حضارة أخرى ظهرت في الزمن القديم، وقد أعجب الحضارة اليونانية نظرا لأهميتها في تشكيل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
في الحديث عن الحضارة اليونانية، هناك العصر البرونزي اليونانية الحضارة المينوية التي تضم والميسينية. مع غزو دوريان ونهاية الحضارة الميسينية، وهناك جاء "العصور المظلمة". خلال العصور المظلمة، ودمرت المدن والقصور، وغيرها من المنتجات الحضارة. بعد العصور المظلمة، وهناك الآن جاء ظهور دول المدن التي يطلق الإغريق "بوليس". ويمكن اعتبار الفترة التي بدأت تظهر بوليس ليس فقط وقت الانتعاش ولكن أيضا ذروة الحضارة اليونانية من حيث السياسة والمجتمع والاقتصاد والثقافة.
بوليس يعني في الواقع الكثير في التعامل الحضارة اليونانية. ربما، دون وقت بوليس فإن الحضارة اليونانية لا تكون الأهمية. ذلك يعني أن في زمن بوليس، تشكلت تلك الخصائص الحضارة اليونانية الحضارة اليونانية التي تميز نفسها عن غيرها من الحضارات خلال هذا الوقت. M. H هانسن في كتابه "لمزيد من الدراسات في بوليس اليونانية (1996)" وأكد على أهمية بوليس في دراسة الحضارة اليونانية بالقول إن "دراسة الهياكل السياسية اليونانية يجب أن يبدأ بوليس".
ويعرف عموما بأنه بوليس المدينة، دولة المدينة، وكذلك المواطنة والجسم من المواطنين (ويكيبيديا). ومع ذلك، بوليس هو شيء أكثر من ذلك.

مفهوم الحضاره الرومانيه من جانب النظم الرومانيه

الحضاره الرومانية هو مصطلح أطلق على المرحلة التي تلت الجمهورية الرومانية التي حكمت روما، فهي تطور للحكم السياسي لروما، وقد تميزت مرحلة الحكم الإمبراطوري لروما في تلك الفترة بـالحكم الاستبدادي، وقد خلف الحكم الإمبراطوري 500 عام من الحكم الجمهوري لروما (510 ق . م - القرن الأول قبل الميلاد) الذي كان قد ضعف بسبب النزاع بين جايوس ماريوس وسولا والحرب الأهلية من يوليوس قيصر ضد بومبي، ليس هناك تاريخ محدد يبين انتقال روما من الجمهورية إلى الإمبراطورية، ولكن يمكن اعتبار بداية الإمبراطورية الرومانية من بداية تعيين يوليوس قيصير دكتاتوراً دائماً لروما سنة 44 ق . م، في المرحلة التي انتصر فيها أوكتافيين وريث يوليوس قيصر في معركة أكتيوم (32 سبتمبر 31 قبل الميلاد)، وكذلك منح مجلس الشيوخ الروماني عبارات التعظيم لأوكتافيين عبارات التعظيم وتلقيبه (أغسطس العظيم) في (16 يونيو 27 ق . م).
الحضارة الرومانية:
-مكثت الدولة الرومانية قرابة ألف سنة، نحو خمسة قرون قبل ميلاد المسيح عليه السلام وخمسة بعد الميلاد. وقد سميت بهذا المسمى نسبة لعاصمتها روما ومنطلق حضارتها، توسعت روما في القرن السادس قبل الميلاد، فسيطرت على إيطاليا كلها ثم على المدن الإغريقية ثم على شبه جزيرة البلقان، ثم آسيا الصغرى والشام ومصر ثم مدت سيطرتها على قرطاجة التونسية.
-اشتهرت الحضارة الرومانية بتقليدها لمظاهر الحضارة الإغريقية فأقاموا المسارح والمدرجات والجسور والقناطر والمنازل وبرعوا في نحت التماثيل والصور، وازدهر الأدب الكوميدي فيها. 


---------------------------------


تاريخ الجزائر في العهد العثماني 1518م /1830م


-1- مدينة الجزائر خلال الحكم العثماني.


كانت مدينة الجزائر أيام الاحتلال الروماني تعرف باسم "ايكسيوم" ثم خرجت أثناء هجمات الوندال وثورات البربر وأصبحت مقرا لقبيلة بربرية تدعى "بني مزغنة" وفي القرن العاشر ميلادي، الرابع هجري أسس بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي مدينة لقبها "بجزائر بني مزغنة".
وأخذ نمو الجزائر يتزايد إلى أن هاجمت القبائل العربية سهول متيجة فاستولت قبيلة الثعالبة على جزائر بني مزغنة وسكنتها، ولما وضعت الدولة الزيانية تكالب الإسبان على سواحل إفريقيا واحتلوا الجزائر وأسسوا حصنا على إحدى صخورها "البينون" .
ونتيجة للضغوطات الإنسانية على سكان الجزائر استنجدوها بالأخوين عروج وخير الدين بربروس للتخلص من الخطر الاسباني المحدق بهم، لأنهم على علم بعدم قدرتهم على مواجهة الجيوش المسيحية، وذلك بسبب ضعفهم وصراعاتهم الداخلية . وعندما نجح عروج في القضاء على شيخ المدينة سالم التومي ونصب نفسه حاكما عليها، حرض الإسبان أنصاره للتخلص من عروج وأتباعه، وشنوا بدورهم حملة عليهم 1516م باءت بالفشل. وحملة أخرى في 1518 نجحت في القضاء عليه، كما وجهوا حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519 للقضاء على خير الدين ورفاقه باءت هي الأخرى بالفشل. قام أهل الجزائر في أثرها بتحريض من خير الدين بطلب الحماية من السلطان العثماني في مقابل الانطواء تحت لواء الدولة العثمانية وهو ما لقي القبول عنده، وقام بمساعدة الجزائر بألفي من الجند الانكشاري وبمثلها من المتطوعين وتعيين خير الدين بايلربايا على الجزائر وذلك أواخر 1519م .
قد اتخذ خير الدين مدينة الجزائر عاصمة له، وفي عهده وعهد خلفائه اتخذت مركزا منبعا، تحطمت أمامه كل الهجومات الاسبانية وغيرها، حتى أطلق عليها المدينة التي تقهر، أو المدينة المحروسة، ودار الجهاد، ودار السلطان ولم تنجح سوى الحملة الفرنسية في سنة 1830م في احتلالها .

أولا: موقع مدينة الجزائر.

تقع مدينة الجزائر بين خطي عرض 36.46 شمالا وخط طول 3.3 شرقا، وبالتالي تقع في إقليم وسط البلاد، جناحها الغربي الإقليم الوهراني، وجناحها الشرقي الإقليم القسنطيني .وهي مدينة بحرية مبنية على شاطئ البحر على قاعدة واسعة نسبيا في شكل نصف دائرة على هضبة سريعة الانحدار .
ويمتد إقليم مدينة الجزائر من دلس شرقا، إلا تنس غربا، ومن ساحل البحر شمالا، إلى سفوح الأطلس البلدي جنوبا، وتضم إقليمي الساحل ومتيجة مع بعض الامتدادات في بلاد القبائل والتيطري . وقد تحولت من مرسى صغير، يلجأ إليه الصيادون ويؤوى إليه المسافرون كمحطة ثانوية عند هبوب العواصف إلى مرسى كبير يستقبل مختلف السفن والبضائع، ويقصده التجار من الداخل والخارج.
كما تحولت من قرية مجهولة وعرة المسالك معلقة على صدر الجبل، إلى عاصمة البلاد، كثيرة العمران وافرة السكان .

ثانيا: أبواب مدينة الجزائر:

أ- باب عزون:
نسبة إلى أحد الثوار من الأهالي اسمه عزون، ثار ضد الحاكم التركي، وحاصر المدينة لكنه قتل من طرف الأتراك. وباب عزون من أهم أبواب المدينة، ومنه كان يدخل القادمون من الجنوب والشرق ومن السهل المتيجي. وكان له جسر يرفع أثناء الخطر .
ب- باب الجديد:
يقع في الجهة الجنوبية الغربية يدخل منه القادمون من البليدة والغرب .
ج- باب الوادي: 
نسبة إلى الواد الذي يمر بجانب المدينة، يفتح هذا الباب على الشمال أو الطريق التي تمر بجبل بوزريعة، وهو أقل الأبواب أهمية، ينتهي بجسر يرفع وقت الخطر .
د- باب الجزيرة:
وسمي بباب الجهاد، لأنه الباب الذي كان مخصصا لدخول وخروج القراصنة. وهو أشد الأبواب متانة ومناعة، تقع بجانبه عدة ثكنات للانكشارية البحرية .
و- باب الديوانة: 
ويسمى أيضا باب البحر، أو باب السردين كان مخصصا للتجارة البحرية، ولقد علقت بهذا الباب خمسة أجراس، قيل بأنه جيء بها من مدينة وهران سنة 1708م وعلقت على باب الديوانة تخليدا لذكرى الإنتصار على الإسبان واسترجاع مدينة وهران .

كل هذه الأبواب كانت كبيرة الحجم متقنة الصنع، مرصعة بالحديد، تغلق قبل غروب الشمس بقليل وتفتح بعد طلوع الشمس بقليل، يكثر بها الحراس، وتشتد بها الحراسة حتى لا ينسل منها إلى المدينة مشبوه فيه وتحاديها القلاع والثكنات، وكان داخل هذه الأبواب أبواب أخرى ثانوية مثل البابين الداخليين بالقصبة العليا والباب الداخلية فيما وراء باب الجزيرة أو الدزيرة .(انظر الملحق رقم:01)

ثالثا: مراحل الحكم العثماني.

وكما ذكرنا سابقا أن مدينة الجزائر قد دخلت تحت الراية العثمانية هذا ما اكسبها نوعا من الحماية، وأبعدها عنها الكثير من الأطماع خاصة الاسبانية، واستمر الحكم العثماني للجزائر من عام 1509م الى غاية الاحتلال الفرنسي عام 1830م. حيث اجمع المؤرخون على تقسيم هذه الفترة الطويلة من الحكم إلى أربعة عهود وهي كالتالي:
أ- عهد البايلربايات (1519م-1587م)
وبدأ حكام مدينة الجزائر يطلق عليهم هذا اللقب ابتداء من 1519م، وهو التاريخ الذي دخلت فيه مدينة الجزائر تحت راية الحكم العثماني بصفة رسمية، وكان أول من حمل هذا اللقب هو "خير الدين" استنادا إلى الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني "سليم الأول"، أن يكون التعيين رسميا من طرف السلطان .
كما لمعت في هذه الفترة عدة شخصيات نذكر منها: "صالح رايس" الذي قام باسترجاع وتحرير بجاية، ووضعوا حدا لأطماع الإسبان، وطردوا منها بصفة نهائية سنة 1555م .
ولقد تولى هذا المنصب (منصب بايلرباي) ثمانية عشر شخصا من الأتراك أولهم كما ذكرنا سابقا خير الدين (1519م-1534م) وآخرهم حسن فنزيانو (1583م-1587م) ، وتميزت هذه المرحلة من الحكم أن معظم من شغل هذا المنصب هم من طائفة رياس البحر الذين كان ابلغهم من رفاق خير الدين .
ب- عهد الباشاوات (1587م-1659م)
في سنة 1587 تم إلغاء نظام البايلربايات، واستبدله بنظام الباشاوات وهذا التغيير عين من قبل السلطان العثماني "مراد الثاني"، حيث اصدر فارمان إلغاء نظام البايلربايات واستبداله بهذا النظام، فاخذ الباب العالي بإرسال الباشاوات لحكم مدينة الجزائر ابتداء من 1587م ، وكان هؤلاء الحكام يديرون شؤون الدولة بمعاونة اللجنة الاستشارية مؤلفة من: وكيل الخرج، الخزناجي، خوج الخيل والأغا، وفي هذه المرحلة كان الباشاوات يعينون لثلاث سنوات .
وأول باشا عين طبقا لهذا التنظيم الجديد هو "دالي احمد باشا" (1587-1589م) وتداول على هذا المنصب أربعة وثلاثون حاكم منهم من شغل المنصب لمرتين مثل "حسين الشيخ" (1613م-1616م)، وكان آخرهم الباشا "إبراهيم" (1656م-1659م) .
ج- عهد الأغاوات: (1659م-1671م)
انتقل النظام من الباشاوات إلى الآغاوات، وكان هذا عام 1659م، وكان الأغاوات ينتخبون من الفرق الانكشارية لمدة شهرين قمريين لهذا كانوا يعرفون ب "أغا المقريين"
ولكي لا يستأثر بالأغا بالسلطة فقد تقرر أن يستعين الحاكم بالديوان العالي . وقد تميز هذا العصر بمحاولة انفصال الجزائر عن الدولة العثمانية ، ضف إلى ذلك النظام لم يدم طويلا، فالأغا يتولى الحكم كما اشرنا سابقا لمدة شهرين ثم يعزل، لذا تشبث الأغا بهذا المنصب ورفضوا التنازل عنه مما أدى إلى عزلهم بطريقة غير طبيعية كالقتل وأول من تولى هذا المنصب هو "خليل أغا" (1659-1660م) وجاء بعده ثلاثة أغوات كان آخرهم "علي أغا" (1665م-1671م) . 
د- عهد الدايات (1671م-1830م):
نتيجة الأوضاع التي شهدها عهد الأغوات من النزاعات الشخصية والمؤامرات والانقلابات ضد بعضهم البعض والاغتيال حتى أن كثيرا من ولاة هذا العهد عزلوا أو قتلوا أو ابعدوا بعد شهرين أو أقل من تعيينهم في مناصبهم، وأدت هذه الحالة إلى ظهور طبقة الرياس واختفاء نظام الأغاوات وظهور عهد الدايات 1671م، والذي دام طويلا واندمج فيه الجنود الانكشارية بطائفة الرياس واختفى الصراع بينهما. وتمكن بعض الدايات من الاستقرار في الحكم مدة طويلة خاصة في القرن الثامن عشر، وكانت هناك بعض التنظيمات تحد من سلطة الداي في أوائل هذا العصر، ولكن في العصور المتأخرة حكموا حكما مطلقا وأصبح للداي الحرية المطلقة في الحكم والإدارة والتفاوض مع الدول الاجنبية وعقد المعاهدات السلمية والتجارية، ويعلن الحرب والسلم ويستقبل الممثلين الدبلوماسيين الأجانب، ومنه يعد عهد الدايات بداية لعهد الاستقلال الكامل للدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية ولم تبقى إلا بعض الشكليات ، وأول من تولى هذا المنصب هو الداي الحاج باشا (1671م-1682م) وجاء يعده أربعة وعشرون دايا كان آخرهم الدي حسين باشا (1818م-1830م) والتي كانت فترة حكمه أطول من الفترات في عهد الدايات .

رابعا: أوضاع مدينة الجزائر قبيل حكم الداي حسين.

تميزت أوضاع مدينة الجزائر قبيل الداي حسين الاضطرابات وتجاوزات الأتراك على مستويات متعددة، فسياسيا كان نظام الحكم متوترا فالدايات يتعرضون للانقلابات والقتل منذ بداية حكمهم سنة 1671م وقتل منهم ستة عشر داي، كما أنها لم تسلم من الاضطرابات الداخلية المتكررة من فترة إلى أخرى ففي غضون سنة (1813م-1814م) قام بأي وهران بثورة على مدينة الجزائر وزحف على رأس جيشه شرقا حتى وصل إلى مكان لا يبعد عن المدينة بأكثر من ثلاثة فراسخ، وبعد انتصارات وهزائم تمكن الداي "عمر باشا" الذي كان يشغل منصب الأغا في تلك الفترة من قمعها واسر بأي وهران وإعدامه .
إضافة إلى سخط الأتراك، فثارت فرق الجيش المتواجدة بقسنيطنة وقررت إسقاط الداي، وفي 30 نوفمبر 1817 وصل إلى المدينة الجزائر جيش يتكون من أربعة آلاف أو خمسة آلاف جندي فاستقبلوا بنيران المدافع فاضطر الثورات إلى التراجع وإقامة معسكرهم بعيدا عن المدينة، ولكن هذا المعسكر اختفى في اليوم التالي ، ونتيجة لهذه الاضطرابات أمر الداي علي خوجة (1817-1818) بان ينقل مقر إقامته من القصر السابق إلى القصبة، أعلى نقطة في المدينة في سرية تامة، وفي الليل، أيضا عمل علي باشا على الزيادة في تحصين القصبة وتزويدها بمئة مدفع آخر وبالإضافة إلى حرسه التركي كون فرقة قوية من الكراغلة والحضر وأخرى من الزنوج، وحرص على أن تكون الفرقة التركيبة اضعف الفرق في الجيش والحاميات على حد سوى، حتى لا تستطيع أن تقوم بأي حركة ضده ، ولم يغفل عليه أن جعل بينهم جواسيس يلتقطون له إخبارهم .
أما على الصعيد الاجتماعي فكانت مدينة الجزائر تعاني من اجتياح الطاعون منذ 1817م هذا الوباء الذي لم تبتلى به منذ عشرين سنة، واستمر في الفتك بحياة الناس، ففي شهري أوت وسبتمبر 1817 كان يؤدي بحياة مائتين شخص يوميا من مدينة الجزائر .
وشهدت هذه الفترة تناقصا في عدد الأتراك يوميا وهذا بسبب الإعدام والطرد وغير ذلك فمنهم من عاد إلى وطنه تلقائيا ، كما أن الداي علي خوجة وضع خطة تقضي على الانكشارية نهائيا من المدينة وعمل على اخذ أطفال اليهود من دويهم وإرغامهم على اعتناق الإسلام والقيام بالحراسة في القصبة، وترسل البنات إلى خدمة حريمه، وقد أثار هذا اشمئزاز جميع المسلمين لأن دينهم لا يرضى بأعمال من هذا النوع .
وفي عام 1816 حصرت غارة اللورد ايكسموث على مدينة لجزائر التي دمرت جزءا من مباني المدينة وخربت عددا من الراكب البحرية من ضمنها "البورتقيزية" التي أسرها الرايس حميدو من البرتغال عام 1802، واضطر الداي عمر باشا على إمضاء صلح مهين مع انجليزا، فأطلق جميع الأسرى المسيحيين بالمدينة وأعاد المبالغ المالية التي تم بها شراء الأسرى قبل دلك وتنازل عن المطالبة بالاتاوات .
وقدر محتوى الخزينة في الفترة التي سبقت عهد الداي حسين (1817م) بخمسين دولار اسباني وهو مبلغ ضخم لأن الدولار الاسباني كان يساوي في تلك الفترة 3.4 فرنك فرنسي ، وتم تحويل هذه الخزينة بما فيها إلى مقر السلطة الجديدة .

أما الأوضاع الخارجية لمدينة الجزائر قبيل عهد الداي حسين خاصة مع جيرانها تونس والمغرب وطرابلس كانت على حال حسنة، فعلاقة مدينة الجزائر مع تونس تحسنت بعدما كانت في اشد توترها وانطفأت نار الفتنة في عهد علي خوجة الذي عمل على تحسين العلاقة ونسيان الماضي وأحقاده، وكذلك مع المغرب وطرابلس وهذا ما تدل عليه التبرعات التي بعث بها مولاي سليمان سلطان المغرب، والمراكب الذي بعث به يوسف باشا من طرابلس، وهي التبرعات التي جاءت إلى مدينة الجزائر بعد المعركة المؤلمة مع الانجليز . أما مع الدول الأجنبية فكانت الأوضاع تتأرجح من دولة إلى أخرى، فمع الانجليز فقد بناهج من خلال حملة اكسموث على المدينة 1816م، أما اسبانيا فمند سنة 1815 وهي تبدل جهودا مستمرة من اجل تسوية معقولة لقضية الديون ولكن دون جدوى نظرا لتحفظ الجزائر بحقها في تسديد هذه الديون ولو بالالتجاء إلى القوة، لذلك طلبت الحكومة الاسبانية من قنصلها بمغادرة المدينة ، وكانت الدولة الأحسن حظا هي الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تحظى بالاحترام من الحكومة الجزائرية، وهذا ما يفسر احترام البحارة الجزائريين للسفن الأمريكية التي كانت تتجول في مناطقها بعكس السفن الأخرى التابعة للدول الأجنبية والتي كانت تعرض للتفتيش .


----------------------------



السياسة الإستعمارية الفرنسية في الجزائر 1830-1962

أ/ سياسة الادماج : 

هدفت إلى إذابة الجزائر في الكيان الفرنسي ، و تجلت مظاهر ذلك فيمايلي :
- عملت فرنسا غلى الحاق الجزائر بفرنسا بعد صدور مرسوم 22 جويلية 1834.
- منح السكان من الحصول على حقوقهم .
- دعم المعمرين لبناء المستوطنات .
- مصادرة الأراضي الزراعية و توزيعها على المعمرين .

ب/ سياسة مصادرة الأراضي :

انتهجت أساليب متعددة لاستلاء على الأرض منها :
- تأسيس شركات زراعية .
- انطلاق السكة الحديدية لربط سهل متيجة بميناء الجزائر 1857.

ج/ سياسة الاستيطان : 

شجعتها فرنسا بعد توجيه الزراعة الجزائرية لخدمة الاقتصاد الفرنسي ، أما الشعب الجزائري فقد أخضعته إلى قوانين قاسية مثل قانون الأهالي و تجريده من مقوماته و شخصيته و ممتلكاته فأصبح متشردوا أوربا يتنتعون بحق المواطنة الفرنسية في الجزائر و كذا اليهود وفقا لقرار كريميو 1870.

د/ سياسة التنصير : و تحويل المسلمين الى مسيحيين

من أبرز مظاهرها
- تحويل المساجد إلى كنائس .
تشجيع البعثات التبشرية و هدم المؤسسات الاسلامية .

ه/ سياسة الفرنسة : 

من مظاهرها :
- محاربة اللغة العربية بتجميد استعمالها .
- تشويه التريخ الوطني و محاولة غرس التاريخ الفرنسي .
- محاولة اقلاع الجزائر من واقع الانتماء العربي الاسلاني بمنح الجنسية الفرنسية للجزائريين .
التنظيم الاداري :
أبحت الجزائر أرضا فرنسية حسب الدستور الفرنسي مقسمة إلى 03 مقاطعات : قسنطينة ، الجزائر ، وهران و قد تميز النظام بــ :
أ- طابع عسكري (1830-1870).
ب- طابع مدني (بعد 1870 ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحليل السياسة الاستعمارية : 

إداريا: : تسخير إمكانيات عسكرية و مادية ضخمة لغزو و احتلال الجزائر
– محاولة خنق المقاومة - المجازر و الإبادة في حق الجزائريين
إداريا : إصدار مجموعة من المراسيم و القوانين أهمها :
مرسوم 1834 – و قانون 1848 ( إلحاق الجزائر بفرنسا)
قانون 1845 ( تقسيم الجزائر إلى 03عمالات )
قانون سيناتوس كونسيلت 14 – 07 – 1865 ( الجزائريين رعايا فرنسيين
قانون كريميو 24 – 10 – 1870 ( منح اليهود الجنسية الفرنسية )
قانون الأهالي في مارس 1871 ( إجراءات عقابية ضد الجزائريين لأتفه الأسباب )
قانون التجنيد الإجباري 03 – 02 – 1912 ( تجنيد الجزائريين )
اقتصاديا : إصدار مجموعة من المراسيم لمصادرة ملكيات الجزائريين تشجيعا لسياسة
لاستيطان و إضعافا لروح المقاومة منها :
نزع ملكية القبائل و وفقا لأمري 1844 – 1846 – 1863
قانون وارني 1873 و قانون 1887
قانون المستثمرات الفلاحية لتشجيع الشركات الأوربية
توجبه الزراعة و الصناعة لخدمة الاقتصاد الفرنسي
مـــاليا : و تتعلق بنظام الضرائب و البنوك بهدف إرهاق الجزائريين ماليا و تسهيل المعاملات
المالية للمستوطنين منها :
فتح عدة بنوك بداية من 1851 – و فرض عدة ضرائب و اتوات على الجزائريين
مجلس لتسيير الشؤون المالية الجزائرية و إصدار قانون 1900 الذي
منح المستوطنين الاستقلالية المالية و الاقتصادية عن فرنسا
اجتماعيـــــا : أسهمت القوانين و الاجراءات الفرنسية الإدارية و المالية و الاقتصادية في تدهور
الأوضاع الاجتماعية للجزائريين ( الإخضاع للمستوطنين - خماسين – الأوبئة و الأمراض-
الهجرة و النزوح و تقسيم الاعراش - المجازر - فرنسة الأسماء - محاولة مسخ الهوية
قـــضائيا : إصدار مجموعة قرارات تهدف إلى إلغاء التشريع الإسلامي في الجزائر و تعويضه
بقوانين القضاء الفرنسي منها :
قرارات و قوانين 1834 – 1854 – 1866 – 1889
ثقــافيا و دينيا : بهدف القضاء على هوية الشعب و طمس معالم شخصيته الحضارية من خلال :
فرنسة المدارس بتطبيق المناهج الفرنسية و فرنسة المحيط
محاربة تدريس اللغة العربية و التعاليم الإسلامية و التضييق على
العلماء و الأئمة و تدمير المساجد و تحويلها إلى ......
تشجيع وتمويل الحملات التنصيرية و توظيف بعض الزوايا
إبراز الانعكاسات السلبية على المجتمع الجزائري
- زوال مظاهر السيادة الجزائرية ( الكيان الجزائري)
- تفكيك البنية الاقتصادية و الاجتماعية
- تفشي الأمية و الجهل
- زرع مجتمع غريب عن الجزائر في كل شيئ
- إحلال القضاء الفرنسي محل القضاء الجزائري الإسلامي
- نشر الخراب والدمار بسبب الحملات العسكرية و سياسة الأرض المحروقة
- فرنسة المحيط الجزائري
- هجرة الجزائريين إلى الخارج



---------------------------------------------




المقاومة الشعبية


يتلخص الموقف في رفض منطق الاستعمار وعبر عنه من خلال المقاومة التي وجدها الفرنسيون في كل منطقة يحتلونها ويمكن تقسيم المقاومة الشعبية المسلحة إلى :
مقاومة منظمة ( 1830 - 1847) وتزعمها الأمير عبد القادر في الغرب الجزائري. وأحمد باي في الشرق الجزائري (1836 - 1837)
مقاومة غير منظمة (1847 - 1919) وتشمل ما يلي:
ثورة بومعزة (1844- 1847)
ثورة سكان واحة الزعاطشة والشيخ بوزيان  (1849)
ثورة الشيخ بوعود ومولاي ابراهيم (1845 - 1853)
ثورة بوبغلة (1851 - 1855)
ثورة الحاج عمر وفاطمة أنسومر (1843 - 1854)
ثور الصادق بالحضنة وبسكرة  (1858 - 1859)
ثورة بوخنتاش في المسيلة  (1860)
ثورة الزواغة وفرجيوة بالبابور  (1849 - 1864)
أحداث قبائل بني سناس بالحدود الغربية  (1859)
ثورة الشريف محمد بن عبد الله (1842- 1895)
ثورة أولاد سيد الشيخ (1864 - 1873)
ثورة بن ناصر بن شهرة (1851 - 1871)
ثورة الشريف بشوشة (1869 - 1874)
ثورة المقراني والشيخ الحداد (1871 - 1872)
ثورة بني مناصر في شرشال ومليانة (1871)
ثورة الأوراس (1879)
ثورة الشيخ بوعمامة  (1881 - 1883)

ويلاحظ أن التراب الوطني عمته هذه الثورات والانتفاضات ويمكن أن نأخذ نموذجين أحدهما عن المقاومة المنظمة والتي قادها الأمير عبد القادر بين (1832 - 1847 )، وثانيهما ثورة المقراني والشيخ الحداد.
من هو الأمير عبد القادر؟ ولد بالقيطنة قرب معسكر سنة 1807 تعلم في وهران ثم سافر مع والده إلى الحجاز لأداء فريضة الحج سنة 1825 .زار بغداد ودمشق والقاهرة، بويع في 27 نوفمبر 1832 بالإمارة وقيادة المقاومة المسلحة ضد الفرنسيين. إلى جانب حنكته العسكرية والسياسية كان رجل أدب وعلم وصاحب دين وتقوى له مؤلفات عديدة ومواقف خالدة اشتهر بها مثل انقاذه لآلاف المسيحيين من الابادة في سورية سنة 1860 توفي بدمشق سنة 1883 ونقل جثمانه إلى الجزائر بعد الاستقلال.

أدرك الأمير بأن النصر مرتبط بعوامل أهمها :

أ- توحيد الجزائريين تحت راية واحدة واخلاصهم في الدفاع عن وطنهم.
ب- دعم الاشقاء في المغرب والدولة العثمانية.

لقد نجح فعلا في رص صفوف معظم الجزائريين لكن واجهته عراقيل مع سلطان المغرب كما أهمله العثمانيون، وقد مرت المقاومة بثلاث مراحل:

أ - مرحلة القوة (1832 - 1837) :

المبادرة العسكرية والتفوق على الأرض غالبا كانت لصالح الأمير وأهم حوادث هذه الفترة :
مهاجمة قوات العدو باعتماد حرب العصابات حيث انتصر في عدة معارك منها معركة خنق النطاح الأولى والثانية في ماي 1832 حيث تكبد الفرنسيون خسائر جسيمة.
اتخاذ مدينة معسكر عاصمة للدولة الجزائرية وميناء أرزيو لاستيراد السلاح.
الزام القبائل بالتشبث بأرضها ومقاطعة الفرنسيين ومحاصرة مراكزهم في المدن الساحلية.
 تنشيط مدن الداخل والسهول العليا كتلمسان، مليانة، والمدية، وقصر البخاري. وجعلها محاور اقتصادية واجتماعية وعسكرية للدولة.
إعلان التبعية لسلطان المغرب بغية الحصول على المساعدات.
في هذه المرحلة اشتدت وطأة الحصار الاقتصادي المفروض على الفرنسيين في كل من وهران ومستغانم مما دفعهم إلى مهادنة الأمير وإبرام معاهدة دوميشال (حاكم وهران) في  24 فيفري 1834 ومن بنود هذه المعاهدة :
وقف القتال بين الطرفين.
حرية التجارة بين الطرفين.
انفراد الأمير بالسلطة في سائر أنحاء الغرب الجزائري باستثناء وهران، ومستغانم وأرزيو.
وقد استغل الأمير الهدنة بتوسيع نفوذه وتأسيس جيش نظامي من المشاة والفرسان والمدفعية قدر أفراده ب 50 ألفا.

في 1835 عزل دميشال وعوض بالجنرال تريزال حاكما على وهران فقام بتوفير الحماية لبعض القبائل المتمردة على الأمير الشيء الذي دفع بالأمير إلى العودة إلى الحرب فحقق انتصارات على الفرنسيين مثل معركة وادي المقطع قرب سيق في 17 جوان 1835 .

اهتز الرأي العام الفرنسي لهذه الهزائم فقامت الحكومة الفرنسية بعزل الحاكم العام وتريزال وعين مكانهما الماريشال بيجو والجنرال كلوزيل وأمدتهما بقوات جديدة قدرت ب 36 ألف عسكري.

أحدث هذا التغيير عدم التوازن بين الطرفين فهاجم كلوزال معسكر عاصمة الدولة الجزائرية في ديسمبر 1835 غير أنه وجدها فارغة فخربها، وكان الأمير قد أخلاها واتخذ تاقدمت غربي تيارت عاصمة جديدة له ثم قام بغزو تلمسان في جانفي 1836 واحتلها بالتواطؤ مع بعض الخونة فيها لكن الثوار ضلوا مسيطرين على الطريق الرابط بينها وبين وهران فرد الفرنسيون بتمشيط المنطقة واشتبكوا مع قوات الأمير وتغلبوا عليها في معركة وادي سكاك غربي تلمسان في جويلية 1836.

رغم هذه الهزيمة صمد الأمير والتف الشعب حوله فقرر الفرنسيون مهادنته ثانية، حتى يتفرغوا للمقاومة في الشرق الجزائري التي يقودها أحمد باي، وهكذا أبرموا معه معاهدة التافنة في 30 ماي 1837 وبموجبها توقفت الحرب بين الطرفين لفترة، واعترف كل منهما بمناطق نفوذ الأخر كما تبادلا القناصل.

ب - مرحلة الهدوء المؤقت وتنظيم الدولة (1837 - 1839):

استغل الأمير الهدوء ووسع حدود دولته حتى  شملت كل الغرب ماعدا تلمسان و وهران ومستغانم والوسط حتى شرقي سطيف والجنوب القسنطيني أي الأوراس والزيبان وفي الجنوب امتدت إلى ما وراء واد ميزاب وواد سوف حتى بلاد الطوارق وقام بعدة اصلاحات منها :
 تشكيل مجلس شورى ومجلس وزراء.
تقسيم البلاد إلى ثمان ولايات على رأس كل منها خليفة.
إقامة جهاز قضائي يستمد أحكامه من الشريعة الاسلامية.
تشجيع الفلاحة وتربية المواشي.
وضع ميزانية عمادها أموال الزكاة والضرائب
سك عملة جزائرية.
إرسال العلماء لنشر العلم في الأوساط الشعبية جمع المخطوطات حفاظا لها من الضياع.
بناء معامل للسلاح والذخيرة بالاستعانة بخبراء أجانب في تاقدمت ومليانة وتلمسان.
 إقامة حصون عسكرية كسبدو وبوغار وسعيدة وتازة جنوب مليانة.
اعتماد راية وطنية وشعار رسمي للدولة.
مباشرة اتصالات خارجية خاصة مع سلطان المغرب للتحالف معه ضد الفرنسيين (1839).

ج- مرحلة حرب الإبادة والتسليم (1839 - 1847)

شعر الفرنسيون بخطورة نشاط الأمير على مصالحهم فنقضوا معاهدة تافنة فاندلعت الحرب مجددا في نوفمبر 1938 بمبادرة جزائرية وكان الانتصار حليف الأمير الذي هاجم العدو في كل مكان وهددهم حتى داخل العاصمة فدفعت فرنسا بقوات إضافية إلى ساحات القتال بقيادة الماريشال بيجو الحاكم العام الجديد.

إن خطة بيجو تمثلت في تشكيل وحدات عسكرية خاصة بحرب العصابات خفيفة التسليح يسهل بها مطاردة قوات الأمير ومهاجمة القبائل الموالية له والتنكيل بها وإغلاق الحدود مع المغرب لمنع وصول الإمدادات وفي الوقت نفسه تقوم بإبادة السكان وتدمير وإحراق كل ما على الأرض ولم يسلم حتى النبات وشهدت هذه المرحلة تطورا خطيرة أهمها:
ارتكاب الفرنسيين مجازر لا مثيل لها وتكثيف سياسة الأرض المحروقة.
سيطرتهم على معظم المدن الداخلية كتلمسان ومعسكر، سعيدة ، تاقدمت، مليانة، المدية..الخ.
أجبر الأمير على الانتقال إلى الونشريس وإنشاء عاصمة متنقلة) الزمالة (ضمت حوالي 60 ألف ساكن مع مرافقهم من أسواق ومدارس ومكتبات ومساجد.
اكتشاف الفرنسيين لموقع الزمالة فهاجموها في 16 ماي 1843 بتاغيت75) كلم جنوب بوغار(فأسروا كثيرا من سكانها وجنودها وضاعت معظم الأجهزة الإدارية والذخائر العسكرية والموارد المالية للدولة الجزائرية.
لجوء الأمير مع انصاره إلى منطقة الريف بالمغرب لطلب المساعدة، فحضي بتأييد شعبي واستجاب السلطان عبد الرحمن جزئيا، غير أن القوات الفرنسية هاجمت المغرب وهزمت جيشه في موقعة إيزلي في أوت 1844 واحتلت مدينة وجدة وقصفت طنجا والصويرة، وفرضت على المغرب معاهدة طنجة، وبموجبها سحب السلطان تأييده للأمير الذي عرضت عليه قبائل الريف مبايعته سلطانا عليها فرفض وعاد إلى الجزائر في السنة الموالية 1845 لاستئناف المقاومة، وانضمت إليه شخصيات مثل بومعزة في منطقة الظهرة.
تمكنت قوات الأمير من تحقيق انتصارات رائعة على الفرنسيين، تمثلت في هزيمة كافينياك في معركة سيدي براهيم غرب الغزوات أواخر سبتمبر 1845 كما هاجم الأمير المحتلين في الشلف، متيجة، التيطري ،جبال عمور وأولاد نايل.

وأمام خطورة الوضع أرسلت الحكومة الفرنسية قوات كبيرة وتزامن ذلك مع تناقص الامكانات المادية والبشرية لقوات الأمير فحدث اختلال كبير في موازين القوى وذاق الأمر بالأمير فلجأ ثانية إلى المغرب، أين واجهته القوات المغربية، فاشتبك معها ثم عبر الحدود إلى الجزائر وهناك واجهه الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال لامورسير وأصبح محاصرا.

قرر الأمير تجنيب أنصاره المعاناة فاتصل بلامورسيار واتفق معه على شروط وقف الحرب. وأهمها السماح له ولأتباعه بالهجرة إلى المشرق، وفي 27 ديسمبر 1847 في مدينة الغزوات وثيقة التسليم مع الدوق دومال الحاكم العام الجديد وهذا بعد 15 عاما من الصمود أمام دولة كبرى تملك الامكانات المادية. وقد تنكر الفرنسيون كعادتهم للمواثيق، فلم يسمحوا للأمير بالهجرة إلى المشرق، بل حملوه أسيرا إلى فرنسا . حتى سنة 1852 فانتقل إلى بورسة قرب اسطنبول ومنها إلى دمشق إلى أن توفي سنة.1883

لقد كان الأمير صلبا وعنيدا أرسى دعائم دولة وطنية حديثة إلا أن اختلال التوازن بينه وبين فرنسا، وكثرة المتألبين عليه لم يسمح له بالذهاب بمشروعه إلى نهايته.

ثورة المقراني 1871 :

 عاشت الجزائر في الفترة بين 1870 و 1865 أوضاعا مهدت لاندلاع ثورة المقراني التي تعد الأوسع نطاقا وتنظيما بعد ثورة الأمير. و يمكننا تلخيص أسباب و دوافع ثورة المقراني فيما يلي:

1 - الأسباب السياسية :

أ-إصدار قوانين كريميو الخاصة بمنح الجنسية الفرنسية لليهود.
ب-محاولة فرنسا تحطيم نفوذ أسرة المقراني وإذلال زعيمها.

2 - الأسباب الاجتماعية :

أ- حدوث كوارث كبرى مثل زحف الجراد (1864 - 1866) والجفاف (1867) والزلازل وانتشار الأمراض الخطيرة (1867 - 1868) أهلكت مئات الألوف وقطعانا كبيرة من الثروة الحيوانية وأجبر السكان على الهجرة نحو السهول الساحلية. وقامت السلطات الفرنسية بتجميع السكان في محتشدات قرب مليانة والشلف وغليزان (500 ألف).

- الأسباب الاقتصادية :

مشكلة الديون التي اقترضها المقراني من بنك الجزائر.بعد مجاعة 1868 لإعانة الموطنين ولما عجز عن تسديدها اضطر إلى رهن أملاكه وبالتالي أصبح مهددا بفقدانها.
استمرار الاستيلاء على أملاك الجزائريين.
وإضافة إلى هذه الأسباب هناك ظروف دولية شجعت المقراني على التحرك وهي هزيمة فرنسا في حرب 1870 امام بروسيا واضطراب أوضاعها الداخلية بإعلان الجمهورية ثم ثورة باريس.

مرت هذه الثورة  بثلاث مراحل :

1 مرحلة الإعداد(جانفي إلى 14 مارس1871):

 قدم المقراني استقالته من منصب الباشاغا وعقد اجتماعا مع كبار قواده آخرها يوم 14 مارس   1871 والذي قرر فيه إعلان الثورة في صباح اليوم الموالي وتم في غضون ذلك تشكيل شرطة ولجان بتجميع الأموال وشراء الأسلحة والتحريض على الثورة ومحاكمة المتعاونين مع فرنسا. وقد تمرد في هذه الفترة الصبائحية الجزائريون في مناطق الطارف، بوبغار، وسوق أهراس ورفضوا الذهاب للحرب في فرنسا كما ثار النمامشة في سوق أهراس وتبسة.

2 - مرحلة العمل العسكري ( 15 مارس، جوان1871):

  في 16 مارس 1871 زحف المقراني على رأس 7 آلاف فارس على برج بوعريريج فاندلعت الثورة وانضم إليها في 08 أفريل الشيخ الحداد زعيم الطريقة الرحمانية فاتسع نطاقها وهوجمت مواقع العدو من مليانة غربا حتى القل وجيجل وباتنة شرقا والصحراء جنوبا وحوصر الفرنسيون في بجاية ودلس وتيزي وزو وذراع الميزان والأخضرية ... وقاتل المقراني حتى استشهد في واد سوفلات قرب عين بسام يوم 05 ماي 1871 فخلفه أخوه بومزراق.

-3 مرحلة التراجع)جويلية  (1872 - 1870 وفيها استسلم الحداد ورفاقه في جويلية، واضطر بومزراق تحت الضغط الفرنسي إلى اللجوء إلى الصحراء، وهناك حوصر وأسر يوم 20 جانفي 1872 في نواحي ورقلة، وهكذا انتهت الثورة بعد أن خاضت حوالي 300 معركة ضد العدو.

و يمكن تلخيص انهيار هذه الثورة في النقاط التالية:

المواجهة المكشوفة بأسلوب الهجوم المباشر مع عدو يمتلك الإمكانات المادية والبشرية.
استشهاد زعيمها المقراني في وقت مبكر.
استسلام زعماء الطريقة الرحمانية مما دفع باستسلام الكثير من القبائل.
عدم اشتراك بقية مناطق القطر في الثورة.
من نتائج ثورة المقراني:

استشهاد حوالي 60 ألف جزائري مقابل مقتل 20 ألف فرنسي.
ارتكاب الفرنسيين جرائم بشعة ضد السكان كالقتل الجماعي وحرق القرى.
إلقاء القبض على الكثير من الثوار والحكم 6 آلاف منهم بالإعدام وعلى آخرين بالنفي إلى كاليدونيا.
فرض غرامات مالية على السكان قدرت ب 64 مليون فرنك أي 70 % من رأس المال المتوفر في الجزائر.
 مصادرة 7.5 مليون هكتار ومنح بعضها للمهاجرين الجدد من الألزاس واللورين.
نفي عائلة المقراني والمقربين منها إلى الجنوب.
إصدار قانون الأهالي.
 هجرة الكثير من الجزائريين إلى المشرق.
إن ثورة المقراني اندلعت ردا على سياسات فرنسا الجائرة وشكلت تهديدا خطيرا للوجود الاستعماري في بلادنا.



-----------------------------


الحركة الوطنية الجزائرية 


مقدمـــــــــــــــــــــة

منذ دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر و
هو يحاول القضاء على هوية الشعب الجزائري

و مقومات شخصيته بشتى الوسائل و الطرق، لكن 
الشعب الجزائري كان دائما يرفض هذه السيطرة و يقاوم هذه السياسة 
القمعية، ففي بداية الأمر كانت المقاومات الشعبية و التي لم تتجاوز 
المناطق القبلية و لم تتوسع عبر التراب الوطني و رغم تصديها للاستعمار 
إلا أنها فشلت في ذلك، ليأخذ النضال بعد ذلك طابعا سياسيا بظهور أحزاب 
سياسية كانت تنشط و تطالب بحقوقها في الاستقلال و غيرها من الحقوق 
بطرق سلمية، و التي كانت تعرض للحل و سجن الزعماء و نفيهم، لكن و بعد 
مجازر الثامن ماي تأكد الشعب الجزائري و القادة السياسيون بأن فرنسا لا 
تنفع معها سياسة اللين، و من ثم تغيرت طريقة المطالبة بالحقوق إلى 
العمل الثوري، و حدثت تغييرات داخل الأحزاب و حتى خلافات و لا سيما 
داخل حزب الشعب. 

فما أثر الحركة الوطنية في مسار الثورة 
الجزائرية، وما أثرها على المجتمع الجزائري ؟ 


المبحث الأول/ الحركة الوطنية من 1919-1944:

المطلب الأول/ تعريف الحركة الوطنية: 

هي شكل من أشكال مقاومة الاستعمار وهي عبارة عن 
جمعيات وتنظيمات سياسية أخذت تيارات مختلفة قادها نخبة من المناضلين من 
أجل تخليص الشعب الجزائري من الاستعمار الفرنسي.

المطلب الثاني/أسباب ظهور الحركة الوطنية :

من العوامل التي ساهمت في ظهور الحركة الوطنية 
مايلي :
1- اعتماد فرنسا سياسة الإدماج لجعل الجزائر 
مستعمرة فرنسية 
2-أما في الميدان السياسي :
منعت تكوين الأحزاب ومنع صدور الصحف باللغة 
العربية وأقصت المواطنين من التصويب والترشيح للانتخابات.
3-الميدان الاقتصادي:
استنزاف الثروات المعدنية والطاقية والفلاحية 
إضافة إلى فرض الضرائب المكلفة على الجزائريين 
4-الميدان الاجتماعي:
أرغمت العمال الجزائريين على العمل بأجور ضعيفة 
ولساعات طويلة 
جلب مها جرين أوروبيين جدد إلى الجزائر لتقوية 
النقود والسيطرة على المدن الكبرى في الجزائر .

المطلب الثالث/حركة الأمير خالد 1919_ 1925:

الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر، كان ضابطا 
في الجيش الفرنسي، قد بدأ حركته السياسية في أواخر سنة 1919 عند انفصاله 
كانت له مطالب مع ويمكن تلخيص مطالب حركته كالتالي:
1. تمثيل المسلمون في البرلمان الفرنسي بنسبة 
مساوية لعدد نواب الأوربيين الجزائريين
2. إلغاء القوانين الاستثنائية
3. المساواة في الخدمة العسكرية 
4. حق الجزائريون في تقلد جميع المناصب 
المدنية العسكرية 
5. تطبيق القانون المتعلق بالتعليم العام 
الإجباري على الأهالي
6. حرية الصحافة والجمعيات
7. الاحتفاظ بالأحوال الشخصية الإسلامية
وقد أطلق مؤرخو الحركة الوطنية الجزائرية على 
حركة الأمير خالد عدة أسماء منهم من قال أنها (حركة وطنية إسلامية ), 
ومنهم من سماها (أحزاب المرابطين ) و (الحزب الوطني الديني ).وهناك من كان
يراها أنها (الحركة الإصلاحية ) تهدف إلى تحسين حال المسلمين.
حيث كانت فرنسا تمقت كل شيء يحمل اسم 
الإسلام.فحاول الأمير خالد ورفاقه منع تجديد العمل بقانون (الأنديجينا) 
فانتقل إلى باريس عام 1920م لهذا الغرض لكن بعض المنتخبين الجزائريين من 
أنصار الإدارة الاستعمارية اتهمته بالتحريض والعداء لفرنسا .
كان الأمير خالد يسعى لشمل صفوف الشعب الجزائري 
حيث دعا إلى الوحدة الوطنية، كما تقدم بعريضة مطالب إلى الرئيس الأمريكي 
ولسن أثناء انعقاد مؤتمر فرساي عام 1919م بمنح الجزائر حقها في تقرير 
مصيرها بنفسها ويعد هذا المطلب بارز في مطلع القرن العشرين .
وفي شهر جانفي 1922 قام بتأسيس حزب الإخاء 
الجزائري الذي كان من بين مطالبه :
1-تطبيق شامل لقانون 4 فيفري 1919 م (الإصلاحي ) 
وتمثل عادل للجزائريين للمسلمين في المجالس الجزائرية وإلغاء قانون 
الأهالي وتعميم التعليم وفتح الطرقات واختيار القيادة بطريقة الانتخاب.
2-وهكذا تحولت مطالبه من سياسية إلى اجتماعية 
للشعب الجزائري فاتهمته الإدارة الاستعمارية بأنه وطني مسلم وأحيانا شيوعي
.
تم نفيه هو وعائلته إلي الإسكندرية وحكم عليه 
بالسجن لمدة خمسة أشهر توفي في دمشق عام 1936م وبعد وفاته انقسم أنصاره 
إلي قسمن: 
1- قليل منهم من عاد إلى ممارسة العمل السياسي مع
ابن التهامي. 
2- قسم غالب اختار طريق النضال الثوري الذي كانت 
قاعدته قيام حزب نجم إفريقيا الشمالية.

المطلب الرابع/الاتجاه الاستقلالي (نجم شمال 
إفريقيا):

نشأ هذا الحزب في فرنسا و كان يضم المغاربة 
المغتربين عرض مصالي الحاج عام 1927م أمام مؤتمر بروكسل الذي دعت 
إليه(الجمعية المناهضة للاضطهاد الاستعمار )مطالب النجم التي تمثلت خاصة 
في جلاء القوات الفرنسية من الجزائر وتقرير المصير وتأسيس حكومة وطنية 
,كان مصالي الحاج قد انتخب عام1928م رئيسا للحزب وفي شهر سبتمبر عام 1935 م
تعرف مصالي الحاج علي الأمير شكيب أرسلان الذي كان يعد لمؤتمر إسلامي 
في أوربا حيث عقد المؤتمر في نفس الشهر . 
كان جريدة الإقدام التي أنشأها الأمير خالد هي 
الجريدة الأولى الناطقة باسم النجم تم جريدة الأمة 1930م التي تعبر عن 
أصلة الأمة وإسلامها حيث كتب على يمين الجريدة, داخل هلال قوله سبحانه 
وتعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) حيث كان نداء النجم غالب 
باسم الإسلام, كما أنه معارض لكل مشروع قانون فرنسي يمس بكرامتنا 
الإسلامية ويسمى بمشروع (بلوم فيوليت )الذي كان من بين أهدافه قمع الشعور 
الوطني الإسلامي وتطبيق سياسة الإدماج , وبمقتضى مرسوم إستعمارى مؤرخ في 
26جانفي 1937م حل النجم , إلا أن حله لم يؤثر على نشاطه السياسي واستمر 
بالعمل تحت أسماء أخرى إلى غاية تأسيس حزب الشعب الجزائري في 11مارس 1937م
وواصل نفس العمل السياسي بقيادة مصالي الحاج ونفس المطالب السياسية مع 
تأكيد على احترام الشريعة الإسلامية وإعادة أوقافها كما فرض ضرورة تزويد 
الجزائر بمجلس حكومة جزائريين والاعتراف بمصلي الحاج كزعيم للشعب الجزائري
و تذكر بعض المصادر أن مصالي الحاج يوم 19أفريل 1945م وهو بمنفاه بعين 
الدفلى وافق على فكرة الثورة التي عرضها بعض عناصر الحركة الوطنية . 

المطلب الخامس/ الاتجاه الإصلاحي (جمعية العلماء 
المسلمين):

تاسست في 05 ماي1931 بالعاصمة وانتخبت ابن باديس 
رئيسا لها وتولى مناصب الهامة نخبة من المصلحين بعد أن اعترفت بها 
الحكومة الفرنسية ولقد كان للجمعية عدة أهداف منها : 
1-الدفاع عن ثوابت الأمة والابتعاد عن المشاكل 
السياسية والإرشاد وتهذيب الناس أما الهدف الرئيسي لهذه الجمعية هو تصحيح 
العقيدة من البدع والخرافات حيث قال :ابن باديس عام 1935م(القرآن إمامنا ,
والسنة سبيلنا , والسلف الصالح قدوتنا في خدمة الإسلام و المسلمين 
وإيصال الخير لجميع سكان الجزائر غايتنا )
2-كانت الجمعية تسعى إلى نشر الدعوة الإسلامية 
وتطهير الإسلام من الخرافات وتكوين كيان جزائري قوامه الإسلام والغة 
العربية ,كما أنها عبرت عن رأيها في استقلال الجزائر التام حيث كان ابن 
باديس سيعلن الثورة على فرنسا لو لم توافه المنية سنة 1940م. 
3-ولقد جاهد ابن باديس وجمعيته بالقلم واللسان ضد
الأباطيل والشعوذة والخرافات ولم تكن فكرة الإصلاح فكرة نظرية في ذهنه 
إنما هي منتوجات من الكتاب والسنة كذلك كانت جمعية العلماء المسلمين من 
الأوائل الذين استجابوا لنداء الثورة الجزائرية . 

المطلب السادس/ الاتجاه الإدماجي:

يعتبر فرحات عباس، من الشخصيات المهمة التي دعت 
بإدماج الجزائر في فرنسا إضافة إلى الدكتور بن جلول الذي كان يطالب 
باندماج في فرنسا وتمثيل الجزائريين المسلمين في البرلمان الفرنسي 
والمساواة في الحقوق والواجبات بين الأوربيين و المسلمين, حيث كان ينتمي 
إلى حركة ( الشباب الجزائريين ) التي تعمل من أجل الحصول على إصلاحات تخدم
الجزائريين المسلمين حيث كان (يكره العنف ويؤمن بسياسة المراحل ومسايرة 
الظروف ) , وقد استهوته الحضارة الفرنسية حيث صرح في عام 1931م,إن 
الجزائر ارض فرنسية ونحن فرنسيون لنا قانوننا الشخصي الإسلامي) كما أكدا
انه لا يوجد هناك شئ في القران يمنع الجزائري من أن يكون فرنسيا وإنما 
المانع هو الاستعمار والقارئ لصحيفة(الوفاق) التي كان يصدرها الدكتور(بن 
جلول) يخرج بفكرة واضحة هوان فرحات عباس الذي زاول تعليمه الابتدائي 
والثانوي بجيجل ثم سكيكدة و قسنطينة ثم تعلمه الجامعي في الجزائر العاصمة
وقد شارك في الحياة السياسية منذ نعومة أظفاره فإن هدفه الوحيدة يتمثل 
في تخليص الجزائر من العنصرية والقضاء على فكرة تفوق الغالب على المغلوب 
ومحو فكرة الأوربيين متحضرون والجزائريين متخلفون وحسب زعمه فان نضاله 
يهدف إلى إخراج الجزائر من قبضة الاستعمار وعليه فان الأمر يتطلب في رأيه
إتاحة الفرصة للمسلمين لكي يتعلموا وذلك عن طريق اكتسابهم للجنسية 
الفرنسية لتحسينه مستواهم المعيشي . 
إذن إن أعضاء الحركة السياسية اليمنية ليطالبون 
إلا بالمساواة مع الأوربيين ولا يطالبون باستقلال الجزائر مثلما رأينا في 
الأحزاب اليسارية ولا يدافعون عن الهوية الإسلامية العربية الجزائرية 
مثلما تطالب جمعية العلماء.

المبحث الثاني/إعادة بناء الحركة الوطنية 

1945-1954:

المطلب الأول: مجازر 08 ماي 1945:

الجزائر و كأي دولة مستعمرة أقحمت 
جبرا في الحرب العالمية الثانية إلى جانب فرنسا،
و التي وعدت الشعب الجزائري بإعطائه الاستقلال 
عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، و فعلا انهزمت ألمانيا و احتفل 
العالم بأسره بهذا الحدث العظيم، و أراد الشعب الجزائري أن يذكر فرنسا 
بوعودها للجزائريين و ذلك بخروجهم في مختلف المدن و القرى الجزائرية 
مظاهرات سلمية مرددين أناشيد الحرية و الاستقلال مطالبين بحقوقهم و بإطلاق
سراح مصالي الحاج، لكن الجيش الفرنسي قابلهم بمجازر إبادية مثلما 
استعمل النازيون أو أشد، راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد و ألاف 
المعتقلين، والتي كان العالم بأسره شاهدا على فظاعة هذه المجازر.
دوافع فرنسا من المجزرة:
1- ترهيب الشعب الجزائري حتى لا يعاود 
المطالبة بحقوقه
2- التخلص من عقدة الهزيمة التي تعرضت لها 
فرنسا من قبل الألمان
3- القضاء على الجهود التي تقوم بها الحركة 
الوطنية
4- فرض قوتها و سلطتها و جعل الجزائر عبرة 
لباقي مستعمراتها.
النتائج السياسية للمجزرة على الحركة الوطنية:
1- حل الأحزاب السياسية و اعتقال زعمائها
2- نمو الوعي القومي لدى الشعب و اقتناع 
القادة بأن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة
3- إعادة النظر في طريقة النضال، و تحول أرائه
السياسية من التفاوض إلى البحث عن القيام بالثورة المسلحة.
بعد المجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق 
الشعب الجزائري، أصدرت حكومة باريس مرسوم في 16 مارس 1946، يقضي بالعفو 
الشامل على المعتقلين و السماح بعودة النشاط السياسي هادفة بذلك إلى :
1- امتصاص غضب الشعب من جراء الحوادث
2- تلميع صورتها لدى الرأي العام العالمي 
تغطية للمجازر الوحشية
و بذلك أعيدت الخارطة السياسية من جديد و كان 
العمل كالتالي:


المطلب الثاني/ الإتجاه الديمقراطي للبيان الجزائري( الاتحادي)09/08/1946:

ترأسه فرحات عباس، و يهدف إلى الثورة 
بالقانون، حيث استغل فرحات عباس غياب مصالي الحاج و الذي نفته فرنسا من 
23أفريل1945 إلى غاية 20جوان1946 كان ينظم للانتخابات محاولة منه في 
التنسيق بين الأحزاب الوطنية و يقدم لفرنسا قائمة موحدة، و لكن تجري 
الرياح بما لا تشتهي السفن حيث خرج المناضلون في مظاهرات 8ماي1945 و كان 
فرحات عباس من المعتقلين، وبعد عودته من السجن تأكد أن أنصار حزب الشعب من
كان وراء الإعداد للمظاهرات، فمن ثم كون حزبه الجديد المذكور سابقا، بعد
أن تأكدت فرنسا من أنه لا ينوي الانفصال عن فرنسا سمح له بالمشاركة في 
الانتخابات وحاز على 11مقعد من أصل 13، لكن فرحات عباس أصيب بخيبة أمل 
جراء صدور قانون الاصلاحات لسنة1947 و الذي لم يتضمن أيا منطالب حزبه و 
كذا توالي تزوير الانتخابات مما زرع اليقين عند فرحات عباس بأن فرنسا لن 
تتغير، حيث انضم متلأخرا لصفوف جيش التحرير الوطني. 
2- الحزب الشيوعي(الاجتماعي): ترأسه عمر أزقان، و
بقي يطالب بالاندماج مع فرنسا

المطلب الثالث/ جمعية العلماء المسلمين 
الجزائريين(الإصلاحي): 

ترأسه البشير الإبراهيمي، و عادت الجمعية إلى 
نشاطاتها الإصلاحية ببناء المدارس، و تقوية النشاط التعليمي التربوي 
الديني، و إرسال البعثات إلى المشرق العربي كما وجهت الجمعية نداء من خلال
جريدة البصائر سنة 1947 و الذي يهدف إلى وحدة الجزائريين خارج الأحزاب و
بقيت الجمعية تنادي بنفس الأهداف.

المطلب الرابع/حزب الشعب (الاستقلالي): 

ترأسه مصالي الحاج، و انتقل عمل الحزب من 
النضال إلى رفع الحس الثوري و تحديد مواقف
و هدف واضح و هو الاستقلال و موازاة العمل 
الثوري بالعمل السياسي، و تعتبر سنة 1946 سنة تحول بالنسبة لحزب الشعب، 
حيث كانت دعوة مصالي الحاج للانتخابات التشريعية للبرلمان الفرنسي المزمع 
اجراؤها في 10نوفمبر1946، جزء من خطته الرامية إلى فضح الاستعمار عن طريق
المنتخبين الذين سيصلون إلى المجلس الوطني الفرنسي، و حصل على خمس 
مقاعد، و عليه تغيير اسم الحزب ليصبح بعد ذلك حركة انتصار الحريات 
الديمقراطية ليكون كواجهة فقط يعمل خلفها حزب الشعب و يعمل بطريقة شرعية و
قانونية.
مؤتمر14/15 فيفري 1947: 
في هذا التاريخ عقد أعضاء حزب الشعب مؤتمرا و 
توصلوا إلى:
1- الإبقاء على حزب الشعب في إطاره القديم و 
توسيع القاعدة سرا
2- متابعة حركة انتصار الحريات الديمقراطية 
نشاطها علنية بالمظهر الشرعي القانوني و بشكل رسمي
3- إنشاء منظمة عسكرية سرية أسندت مهامها إلى 
المناضل محمد بلوزداد للإعداد العملي للثورة المسلحة.
شروط العضوية في المنظمة السرية :
1- الأقدمية في الحزب
2- الإيمان بضرورة قيام الثورة المسلحة
3- أن يكون العضو حسن السلوك و غير معروف لدى 
السلطات الاستعمارية 
4- أن يتسم بالروح الوطنية و الوعي السياسي 
5- أداء القسم 
مبادئ المنظمة السرية:
1- تجنيد أحسن الكفاءات 
2- تدريب الجنود و تزويدهم بثقافة عسكرية 
نظرية و تطبيقية
3- جمع السلاح و إعداد المخابئ لتجميعه
4- تحضير مراكز لصنع الذخيرة و المتفجرات 
كالجبال و الغابات 
5- غرس النظام و الصرامة في المناضلين
6- إنشاء شبكات داعمة للاستخبارات
7- العمل بأسماء مستعارة و الفصل بين الأفواج و
السرية في العمل
-حيث تم اكتشاف أمر هذه المنظمة سنة1950 من طرف 
الاستعمار الفرنسي و تم اعتقال جل أعضائها.
تزوير الانتخابات: جاء دستور الإصلاحات 
20سبتمبر1947 ، كنتيجة سياسية لمجازر الثامن ماي و الذي كان معارض لمصالح 
الجزائريين تماما، و حاول قادة الأحزاب تشكيل اتحاد وطني يضم جميع 
الأحزاب للدخول في إتنخابات جانفي 1948 و كان وراءه مصالي الحاج حيث كان 
يود ان يتفق الجميع على مبدأ واحد و هو مجلس نيابي جزائري ذو سيادة تامة،
و تمت الانتخابات و بتزوير من الحاكم العام الفرنسي الذي تم تعيينه في 
11فيفري1948، حيث و عشية الانتخابات تم تعيين مرشحين من طرف فرنسا، و كذا 
قامت "بإعتقال معظم الشخصيات التي رشحتها حركة إنتصار الحريات 
الديمقراطية، فقد ألقت الشرطة على 32 من مجموع 59 مرشح...و أصدرت المحاكم 
الفرنسية عليهم أحكاما لمدة 80 شهرا و دفع غرامات لا تقل عن 700,000فرنك،
كما قامت الادارة الفرنسية بمنع الجرائد عن الصدور و عدم السماح بتوزيع 
البيانات عن العمليات الانتخابية".(1) حيث أحرزت الحركة على 9مقاعد فقط 
لكنها واصلت نضالها.

المطلب الخامس/ أزمة حزب حركة الانتصار للحريات 
الديمقراطية:

إن الحركة تعرضت لأزمة داخلية حادة أدت إلى زعزعة
الحركة و انقسامها ونشوب الخلافات بين أعضائها، نذكر هذه الأسباب في 
النقاط التالية:
1- الأزمة البربرية: كان رئيس اللجنة الفيدرالية 
رشيد علي يحي من القبائل الكبرى، و أراد مع عمر ولد حمودة و واعلي بناي 
بناء حركة بربرية شعبية داخل الحزب حيث كانوا يرفضون فكرة أن الجزائر 
عربية و إسلامية، و في شهر أفريل 1949 تم حل اللجنة الفيدرالية بفرنسا، 
حيث تم عزل رشيد علي يحي من رئاسته لجريدة النجم الجزائري بفرنسا و التي 
من خلالها كان ينشر أراءه للتنكر للغة العربية و الاسلام، حيث تم إبعاد 
القادة البربريون من اللجنة المركزية من طرف قادة حركة الانتصار و الحريات
الديمقراطية، ما عدى السيد ايت احمد الذي أبقاه مصالي الحاج، و في 
ديسمبر1949 تم إعادة تشكيل فيدرالية الحزب بفرنسا من ثلاثة أعضاء يتكلمون 
القبائلية، و هم راجف بلقاسم، سعدي صادقن و شوقي مصطفاوي، حيث تم القضاء 
على جميع معارضين مصالي الحاج.
2- قضية الأمين دباغين: كان هذا الأخير كان من 
المؤيدين للعمل العسكري و الذي كان يراه مصالي لم يحن وقته بعد، حيث تم 
إبعاده من الحزب في 2 ديسمبر1949، بحجة أنه لم يدفع المكافأة التي كان 
يحصل عليها بصفته نائب في البرلمان الفرنسي، لكن 
السبب الرئيس لإبعاده هو وجود أنصار البربرية اللذين نكروا فكرة اللغة 
العربية، كما اتهموا مصالي الحاج بالديكتاتورية و لم يدافع عنه الأمين 
دباغين، حيث كان يرى كريم بلقاسم ان هذه النزاعات البربرية لا تخدم مبادئ 
الحزب و لا مصلحة الوطن، و ما أن انتهت سنة 1949 حتى فقدت العناصر 
البربرية نفوذها داخل الحزب.
3- اكتشاف أمر المنظمة السرية: بعد وفاة محمد 
بالوزداد بفرنسا بسبب المرض، تم استخلافه بالمناضل أيت أحمد الذي كان يدعو
للكفاح المسلح خوفا من اكتشاف فرنسا للمنظمة في أي لحظة، حيث عرفت 
المنظمة عملي ناجحة جدا ألا و هي الاستيلاء على 3.170.000 فرنك فرنسي من 
بريد وهران حيث قام بهذه العملية المناضلون بختي جلول، أيت أحمد، أحمد بن 
بلة، سويداني بوجمعة، بالحاج بوشعيب و محمد خيضر الذي كان عضوا منتخبا في
البرلمان الفرنسي، حيث قرر المكتب السياسي للحزب بقيادة لحول حسين تسليم
محمد خيضر نفسه للسلطات الفرنسية ، حتى لا يتم حل الحزب، لكن محمد خيضر 
رفض و أيضا مصالي الحاج و لاذ بالفرار إلى مصر بمساعدة عبد الله فيلالي و
محمد يزيد، و القي القبض على 363 عضو من بين 2000، مما إلى مواصلة العمل
في سرية للتخلص من الزعامة الفردية و تأييد العمل الجماعي.
4- جري مصالي وراء الانتخابات وتمسكه بالنضال 
السياسي بدل الاستعداد للثورة
5- ظهور تيارين متضادين أحدهما يحبذ العمل المسلح
و الأخر تحبذ العمل السياسي
6- تحالف أعضاء حركة الانتصار للحريات مع الأحزاب
الأخرى (حزب البيان و جمعية العلماء المسلمين): من شهر جانفي إلى مارس 
كانت تجرى اتصالات بين الاحزاب ، حيث طلب من مصالي التخلي عن الاعداد 
للعمل الثوري و الاكتفاء بالعمل السياسي مما يقتضي حل حزب الشعب الذي يعمل
سرا و عدم القيام بالعنف ضد فرنسا و ذلك من أجل انتخابات التي ستجرى في 
17جوان 1951 ، و لكنه رفض و كلفه ذلك إنهيار اللجنة المركزية لحزبه و 
إنسحاب عمراني و مصطفاوي شنتوف و شرشالي، وفي 05/08/1951 و في غياب مصالي 
الحاج، قررت اللجنة المركزية للحزب بالاتفاق مع جمعية العلماء المسلمين و
الحزب الشيوعي و الإتجاه الديمقراطي للبيان الجزائري بتشكيل جبهة 
مشتركة.
7- اعتقال مصالي الحاج 1952 ونفيه إلى الخارج.
و على إثر هذه الأحداث نظم مناضلوا 
الحركة في 4/5/6أفريل1953، مؤتمرا شب فيه خلاف بين المؤتمرين بل و أبعد من
ذلك تم تبادل التهم بين الطرفين باستغلال المناصب الحزبية العليا و 
التخلي عن مبادئ الحركة، مما أدى إلى حدوث انشقاق بينهم و ظهور ثلاث 
تيارات:
1- المصاليون(أتباع مصالي الحاج): و يرون في 
مصالي الأب الروحي ذو الصلاحيات المطلقة في إعطاء الأوامر و القرارات.
2- أعضاء اللجنة المركزية: و برئاسة يوسف بن خدة،
فهؤلاء الأعضاء يرون أنه من الواجب الاستشارة الجماعية في اتخاذ 
القرارات.
3- ظهور فئة جديدة محايدة(أعضاء المنظمة الخاصة):
لم ينضموا لا إلى المصاليون و لا إلى المركزيون.
و عليه عقد كل من الأطراف مؤتمرات خاصة:
1- مؤتمر الأحاديون عقد في 23مارس1954: أعلنوا عن
إنشاء اللجنة الثورية للوحدة و العمل بقيادة محمد بوضياف، حاولوا حل 
الصراعات الداخلية بين الأطراف المتنازعة لكن دون جدوى، و من قرارات 
المؤتمر:
"1-1 المحافظة على وحدة الحزب من خلال عقد مؤتمر 
موسع و ديمقراطي للحزب و ذلك لضمان الإلتحام الداخلي و الخروج بقيادة 
ثورية.
1-2 دعوة المناضلين إلى التزام الحياد و عدم 
الانضمام إلى أي فريق". (1)

2- مؤتمر المركزيون عقد في أفريل 1954(الجزائر): و
قرروا فيه:
"2-1 حرمان أنصار مصالي الحاج من استعمال الوسائل
المادية و المعنوية و منعهم من قيام أي نشاط سياسي، و إعطاء تعليمات في 
الحزب أن لا يدفعوا اشتراكاتهم حتى يحرم مصالي الحاج من الدعم المالي 
الذي يعتبر ضروريا للقيام بأي نشاط سياسي.
2-2 إعطاء عطل مدفوعة الأجر مقدما لجميع 
المسؤولين البارزين في الحزب و حثهم على عدم القيام بأي نشاط يخدم 
المصاليون". (2)

3- مؤتمر المصاليون عقد في 14-16جويلية 
1954(بلجيكا): بدعوى من مصالي الحاج
و أعلنوا فيه حل اللجنة المركزية، قيادة مصالي 
الحاج للحركة مدى الحياة، و من نتائج المؤتمر:
"2-1 العمل على إعادة الأعضاء المفصولين من الحزب
2-2 حرمان أعضاء اللجنة المركزية و أعضاء اللجنة 
الثورية للعمل من المشاركة في الحزب
2-3 استعادة أموال الحزب المخبأة عند أعضاء 
اللجنة المركزية
2-4 مساندة نضال الشعب التونسي و الشعب المغربي
2-5 إتنهاج سياسة العمل الثوري التي تضمنتها 
وثائق حزب الشعب الجزائري".(1)

اللجنة الثورية للوحدة و العمل:

لما نشبت الخلافات داخل حركة انتصار 
الحريات الديمقراطية، رأى الأحاديون أن المبادئ التي سعت إليها و ناضلت من
أجلها و نادت بها الحركة باتت مهددة بالتلاشي، ولعدم قدرتهم على حل 
النزاع الحاصل شكلوا اللجنة الثورية للوحدة و العمل، و المشكلة من الأعضاء
التاليين:
"- من الحياديين: محمد بوضياف(مسؤول في فيدرالية 
الحزب بفرنا)، مصطفى بن بولعيد(عضو اللجنة المركزية للحزب).
- من المركزيين: بشير دخلي(عضو اللجنة المركزية و
مسؤول التنظيم في الحزب)، رمضان بوشبوبة (عضو اللجنة المركزية و المراقب
العام للتنظيم في الحزب)".(2)
وذلك للإعداد للثورة المسلحة، و في جويلية1954 
عقدت جماعة 22 مؤتمرا يحث قرروا الابتعاد عن كل الخلافات و العمل من أجل 
الكفاح المسلح للقيام بالثورة، و تم تشكيل لجنة الست 6 المكونة من(محمد 
بوضياف، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، العربي بن مهيدي، رابح بطاط، كريم 
بلقاسم)، و في 10أكتوبر1954، اجتمع الأعضاء الستة لتحديد موعد انطلاق 
الثورة و تغير اسم اللجنة ليصبح حزب جبهة التحرير الوطني،ليختار الفاتح من
نوفمبر1954 لانطلاق الثورة و أختير هذا اليوم موازاتا مع احتفالات 
القوات الفرنسية بعيد المسيح.

المطلب السادس/الحركة الوطنية و التحرر العربي:

بعد الحرب العالمية الأولى كان للأمير 
خالد دورا بارزا في توطيد العلاقات النضالية بين القادة العرب.
- في مؤتمر بروكسل تعرف مصالي الحاج على 
الزعيم شكيب أرسلان رئيس السورية الفلسطينية، حيث عين مصالي عضوا في 
المؤتمر الإسلامي لسنة 1935.
- في 1949جويلية نظم مصالي في باريس مظاهرات 
تضامنا مع سوريا.
- قبل الحرب العالمية الثانية حزب الشعب 
استراتيجية مضادة لفرنسا و لدعاة الادماج، تتمثل في التوجه نحو المشرق 
العربي بحثا عن التحالف و التضامن و التعاون مع القضية الفلسطينية.
- حرب1948 و قيام الكيان الصهيوني و هزيمة 
العرب، كان عاملا قويا دفع بقادة و مناضلين حركة انتصار الحريات 
الديمقراطية و جمعية العلماء المسلمين بالتنسيق مع البلدان العربية و جلب 
الجامعة العربية، لتهتم بقضايا المغرب العربي و الجزائر خاصة.
- باريس 1946، عند زيارة الأمين العام لجامعة 
الدول العربية عزام باشا، أعلن أن شعوب شمال إفريقيا شعوب عربية و 
الجامعة تطالب من أجلها ما تطالب به جميع الشعوب المستعمرة و هي الحرية و
الحق في تقرير المصير.
- جانفي 1947:شكل المغاربة جبهة للدفاع عن 
شمال إفريقيا مكتب المغرب العربي، برعاية الجامعة العربية، و مثل الجزائر
الشاذلي المكي.
- جانفي 1948 تم تشكيل لجنة تحرير المغرب 
العربي و مثل الجزائر محمد خيضر.
- توجه جمعية العلماء المسلمين على توطيد 
الروابط الانسانية و الثقافية بين الجزائر و العالم العربي الاسلامي و 
خاصة المغرب و تونس لقرب المساحة الجغرافية فكانت وجهة لطلبة العلم بجامعة
الزيتونة و القرويين


المطلب السابع/اثر الحركة الوطنية على المجتمع 
الجزائري و على مسار الثورة:

ثقافيا:

كان لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأثر 
البارز في نشر الدين الاسلام و مبادئه السمحة، و تعليم اللغة العربية 
الأثر الواضح في توعية النشأ و انتشال بعض أحضان الجهل و كما قال البشير 
الإبراهيمي:"إن الشعب الجزائري مؤلف من عشرة ملايين و زيادة، كلهم عرب 
أصلاء و كلهم مسلمون متصلبون، و الاستعمار الفرنسي عامل على مسخهم و 
إخراجهم من عروبتهم و إسلامهم، 
و لولا خصال فطرية في التصلب و الإعتزاز 
بجنسيتهم و دينهم و شرقيتهم ولولا جمعية العلماء 
و جهادها عشرة سنين في التمهيد و عشرين سنة في 
العمل ، لبلغ الاستعمار منهم ما أراد و لو ضاعوا لكان ضياعهم مصيبة على 
المجموعة العربية لأنه نقص في رأس مالها من الرجال المتشددين في 
عروبتهم"، و عليه هيأت الجمعية الشعب للقيام بالثورة و ذلك بتحريره من 
قيود الجهل و تنوير العقول بالعلم و المعرفة.
اجتماعيا:
لم تكن للحركة الوطنية أثارا اجتماعية واضحة 
فالأوضاع التي أوجدها الاستعمار الفرنسي من الفقر و الأمراض و سلب الأراضي
كانت نفسها التي عاشها الشعب الجزائري أثناء الحركة الوطنية، و انما 
ازدياد الوعي القومي و الثوري لدى الشعب و أن سياسة اللين لم تعد تنفع مع 
فرنسا و أن ما أخذ بالقوة. 
سياسيا:
الأثر جد قوي من الجانب السياسي حيث بدا جليا في 
وعي القادة السياسيين و تغيير الإستراتيجية من المفاوضات السياسة إلى 
العمل الثوري، حيث أن انطلاقة الفاتح من نوفمبر كان سببها نضال الحركة 
الوطنية و لا سيما حزب الشعب الذي انبثقت هذه الأخيرة.


خاتمـــــة

بالرغم من أن المقاومات السياسية لم 
تنجح في إخراج المستعمر الفرنسي من الجزائر كغيرها من المقاومات الشعبية،
إلا أنها كانت استمرارية لجهود متواصلة قام بها مناضلي و أبطال الحركة 
الوطنية و لا سيما في حزب الشعب، و بالرغم من الأزمة التي مر بها إلا أن 
مبدأ الاستقلال و رفض الاستعمار كان يسير في عروق كل مناضل، و رغم الفقر و
الأمية التي كان يعاني منها الشعب الجزائري إلا أنه تولد لديه الوعي 
للمطالبة بحقوقه، و أن ما سلب منه بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، مما أدى 
بإلتحام الشعب مع مناضلي الحركة الوطنية و كانت نتيجة هذا التعاون الثورة 
المسلحة و التي ولدت من رحم حزب الشعب، إذ أنه كان له الأثر البارز في 
تاريخ الثورة المسلحة و تاريخ الجزائر عامة.


-----------------------------


 الثورة الجزائرية التحريرية الكبرى


كانت ثورة نوفمبر 1954 تتويجا للحركات المناهضة للمستعمر منذ وطأت أقدامه أرض الجزائر في 1830 ، وقد توفرت بعد الحرب العالمية الثانية ظروف وعوامل عجلت بقيام الثورة في مقدمتها أحداث 08 ماي 1945 ، التي ذهب ضحيتها 45 ألف شهيد من أبناء الجزائر العزل، والتي عملت بدورها على تنشيط الحركة الوطنية ولا سيما المناضلين الشباب في حزب الشعب الجزائري المحل منذ أكتوبر 1939 ،أولئك الذين عمدوا إلى تشكيل التنظيمات السرية حتى انتهت بميلاد جبهة التحرير الوطني واندلاع ثورة  نوفمبر  1954. 

ظروف وأسباب قيام الثورة محليا ودوليا: 

الظروف والأسباب المحلية: 

الوجود الاستعماري وفقدان السيادة الوطنية، وما ترتب عنهما من ضياع كافة الحقوق السياسية.
محاولات القضاء على مقومات الشخصية الجزائرية، كالدين الإسلامي واللغة العربية والأخلاق السامية، حتى لقد اعتبرت اللغة العربية لغة أجنبية، وبلغت نسبة الأمية 86%.
نهب الموارد الطبيعية، ومصادرة الأراضي الزراعية لصالح المعمرين ،فانتزعت بذلك مصادر رزق الجزائريين.
تدهور الدخل ومستويات المعيشة حتى غدت الأدنى على مستوى العالم كله، وانتشار الأمراض نتيجة سوء التغذية، وانعدام الرعاية الصحية.
انتشار البطالة التي مست معظم الجزائريين، وانخفاض المداخيل نتيجة انخفاض الأجور، خاصة في الأرياف.
التوزيع غير العادل لمختلف المنشآت الاجتماعية والوحدات الصناعية، حيث نجد أن 51 % من هذه الوحدات متمركزة في الجزائر الوسطى و 25 % في المنطقة الشرقية و 20 % في المنطقة الغربية ومعظمها أقيمت في المناطق التي يسكنها المستوطنون الأوربيون.
تبلور الاتجاه الاستقلالي و تجذره منذ مجازر 08 ماي 1945 م. 
أما السبب المباشر الذي عجل باندلاع الثورة فهو : 
أزمة حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية MTLD : 

بحلول سنة 1951 م بدأت الخلافات داخل حزب حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية ،حيث طرح موضوع التدريب العسكري لبعض مناضلي الحزب في المدرسة العسكرية بالقاهرة، وهو ما لم تهتم به اللجنة المركزية للحزب، فشعر مصالي الحاج باهتزاز مكانته فكان ذلك مؤشرا لبداية الخلاف بينه وبين اللجنة المركزية ليظهر الاختلاف جليافي أبريل 1953 م وعلانية أثناء انعقاد المؤتمر الثاني لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية،في غياب زعيم الحزب ولم يكن هذه المرة سريا ، ليتوج بقرارات أهمها إقرار مبدأ الجماعة في القرار والتسيير، وسيادة رأي الأغلبية على الأقلية، مهما كان مركزها وما ضيها، حينها أحس بشيء غير عاد، فسره بأنه عملية (Niorth) رئيس الحزب مصالي الحاج وهو تحت الإقامة الجبرية بنيورث تستهدفه شخصيا،حينئذ دبت الفرقة داخل الحزب، وبرزت ثلاثة تيارات :
التيار الاول: يمثله الرئيس ومناصروه، إضافة إلى عنصرين من اللجنة المركزية هما :احمد مزغنة، مولاي مرباح وأصبح يطلق عليهم اسم " المصاليون" يرفضون مبدأ القيادة الجماعية ويكرسون الزعامة الفردية لمصالي الحاج مدى الحياة.
التيار الثاني: يمثله معظم أعضاء اللجنة المركزية (حوالي 27 عضوا) أصبح يطلق عليهم "المركزيون" يصرون على مبدأ القيادة الجماعية، و رأي وقرار الأغلبية، وتنفيذ الجميع.
التيار الثالث: يمثله مجموعة من الشباب الثوري و الأعضاء في المنظمة السرية سابقا والذين كان منهم الكثير من المتابعين من طرف سلطات الإحتلال، ولم يعد قانعا بالممارسات العقيمة للحزب، ورافضا البقاء أسيرا للصراع الثنائي القائم أي الصراع بين المصاليين والمركزيين.
وفي 1954 احتدم الصراع بين الجناحين أكثر،حين عقد المصاليون مؤتمرا استثنائيا في شهر جويلية 1954 م ببلجيكا توج بإعادة هيكلة الحزب، حسب نظرة مصالي إليه، وطرد البعض من أعضائه.فرد المركزيون بعقد مؤتمر في الجزائر العاصمة في شهر أوت 1954 م وانتهى بالإجماع على إلغاء منصب رئيس الحزب أي طرد مصالي الحاج منه كلية، وتجدر الإشارة إليه أن كلا الاتجاهين السابقين كان يريان أن أوان الثورة لم يحن بعد. 
ظهور اللجنة الثورية للوحدة والعمل 
في مواجهة هذين الخطين برز تيار ثالث من أنصار المنظمة الخاصة حاولوا التوفيق بين المصاليين و المركزيين، ولم يفلحوا.
فعقدوا مؤتمرا لهم في 23 مارس 1954 م نتج عنه تشكيل " اللجنة الثورية للوحدة والعمل" CRUA بهدف التأليف بين سائر الوطنيين الجزائريين والتمهيد للثورة المسلحة.
وفي 25 جوان 1954 عقدت اللجنة الثورية اجتماعا في المدنية بالعاصمة تحت إشراف مصطفى بن بولعيد، أسفر عن انتخاب هيئة تنفيذية ضمت ستة أعضاء هم: مصطفى بن بولعيد- محمد بوضياف، - مراد ديدوش- العربي بن مهيدي - رابح بيطاط - كريم بلقلسم.
إضافة إلى ثلاثة كانوا بالخارج هم : أحمد بن بلة - آيت احمد الحسين – محمد خيضر.
وفي 10 أكتوبر 1954 م اجتمعت لجنة الست في لابوانت بالعاصمة وقرروا تقسيم البلاد إلى خمس مناطق عسكرية وتعيين مسؤوليها ونوابهم كالآتي: 
الولاية الأولى: الاوراس على رأسها مصطفي بن بولعيد ونوابه شيهاني بشير، طاهر نويشي،لغرور عباس.
الولاية الثانية :شمال قسنطينة على رأسها مراد ديدوش ونوابه زيغوت يوسف والاخضر بن طوبال.
الولاية الثالثة:القبائل الكبرى على رأسها كريم بلقلسم ونوابه عمر اوعمران، زعموم، محمد السعيد.
الولاية الرابعة : الجزائر وضواحيها على رأسها رابح بيطاط ونوابه سويداني بوجمعة واحمد بوشعيب.
الولاية الخامسة: وهران ونواحيها على رأسها العربي بن مهيدي ونوابه بن عبد الملك رمضان وعبد الحفيظ بوصوف.
أما الصحراء فظلت تابعة للولاية الأولى حتى سنة 1956 م. وفي 23 اكتوبر عقدت لجنة الست اجتماعا آخر ببلدية الرايس حميدو (بوانت بيسكاد سابقا) بغرب العاصمة نتج عنه مايلي : 
تغيير اسم اللجنة الثورية للوحدة والعمل إلى اسم "جبهة التحرير الوطني" وتأسيس "جيش التحرير الوطني"
تحديد تاريخ ويوم وساعة اندلاع الثورة المسلحة.
إعداد البيان الأول لجبهة التحرير الوطني "بيان أول نوفمبر" الذي حدد
وضبط سير الثورة ومبادئها وأهدافها المتمثلة في الاستقلال الوطني الذي هو الهدف الأساسي.
تجنيد الشعب وراء جبهة التحرير الوطني .
تدويل القضية الجزائرية.
وضع ضوابط وشروط للتفاوض، ووقف القتال عند اللزوم.
لماذا أول نوفمبر 1954؟ 

اختير يوم الاثنين على الساعة صفر من أول نوفمبر 1954 لتفجير الثورة للأسباب التالية:
- لأنه عيد القديسين،حيث يمارس فيه المسيحيون الطقوس الدينية، و تسلم رخص للجنود و الشرطة ورجال الدرك للاحتفال به.
- يعد يوم تفاؤل وتيمن، بالنسبة للمسلمين لأنه يناسب يوم الاثنين، اليوم الذي ولد فيه الرسول عليه الصلاة و السلام سنة 571 م 
الظروف الدولية التي ساعدت على اندلاع الثورة 
انتشار المد الثوري التحرري، لاسيما في شمالي إفريقيا و الهند الصينية ممثلا في قيام الثورة المصرية سنة 1952 م، واستقلال ليبيا وتصاعد قوة الحركة الوطنية في كل من المغرب وتونس و انتصار شعب الفيتنام على فرنسا في معركة ديان بيان فو بقيادة الجنرال جياب سنة 1954 م.
 تراجع مكانة فرنسا الدولية وقوتها العسكرية.
 وجود قادة من الشباب الجزائري الذي قاتل أثناء الحرب العالمية الثانية وفي الهند الصينية واكتسب خبرة شجعته على السير في طريق الثورة. 

بيان أول نوفمبر 1954

 جاء في بيان أول نوفمبر ما يلي :
"... إننا نعتبر أن الشعب الجزائري، في أوضاعه الداخلية متحد حول قضية الاستقلال والعمل، أما في الأوضاع الخارجية، فان الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الدبلوماسي خاصة من طرف إخواننا العرب والمسلمين.إن أحداث المغرب وتونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة كنا أول الداعين إلى الوحدة في العمل، الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقق مع الأقطار الثلاثة.
إن كل واحد منها قد اندفع في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث.
إن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة والتونسيين ... ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي. 

هدف الثورة : 

الاستقلال الوطني بواسطة إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية.
مراحل الثورة التحريرية الكبرى :  
مراحل الثورة الكبرى :

مرت الثورة التحريرية بثلاث مراحل هي :
أ- مرحلة الانطلاق (1954 - 1956)

في ليلة الواحد من نوفمبر 1954 م انطلقت الثورة في مختلف جهات الوطن. وفي نفس الوقت مستهدفة مراكز الشرطة وأماكن تواجد القوات و المصالح الاستعمارية ، تتراوح تقديرات المراجع لها مابين 30 الى 70 هجوما، وقد تميزت هذه الانطلاقة بما يلي:
الوحدة الزمنية:انطلاق الثورة في كامل التراب الوطني حتى تعرف فرنسا والعالم بان العملية ليست عملية عشوائية ، بل منظمة ووطنية.
الشمولية: أي أنها لم تقتصر على منطقة دون أخرى من الوطن بل شملت معظم جهات الوطن كما يظهر ذلك من خلال الرسم التوضيحي أدناه.

المزج بين الكفاح المسلح و السياسي: إذ ما انطلقت الثورة حتى نشر بيان أول نوفمبر، الذي حدد و ضبط سير الثورة ومبادئها حيث وزع في الداخل وأذيع من إذاعة القاهرة، معلنا ميلاد الثورة وموضحا أسبابها وأهدافها. واصدر جيش التحرير الوطني (الذراع المسلح للجبهة) بيانا يدعو فيه الجزائريين إلى الالتحاق بالثورة.

التطور العسكري : 

بدأت الثورة بما يتراوح بين 2000 و 3000 مجاهد وانتشر مسئولوها عبر الوطن يشرحون للشعب قضيتها. فبدأ المتطوعون يلتحقون بالجبال ألوفا مع أسلحتهم التي كانت في الغالب بنادق صيد قديمة. وانضم إلى الثورة العسكريون القدامى والمجندون في الجيش الفرنسي بعدما هربوا بأسلحتهم وذخائرهم. والتحق بها أيضا جمع من الإطارات كالأطباء والأساتذة والمحامين فضلا عن التجار والفلاحين والنساء والأطفال ،حتى ارتفع عدد المجاهدين في آخر هذه المرحلة إلى 40000 مجاهد، والملاحظ هو أن الثورة عند اندلاعها وبفعل السرية التامة التي التزم بها القادة جعلت الكثير يترددون في اتخاذ الموقف منها بفعل الدعاية المغرضة للمستعمر الذي كان يصف الثورة بكل الأوصاف المشينة، لكن بمجرد اطلاعهم على أهدافها الحقيقية سارعوا إلى الإلتحاق بها لدرجة أن قادة جيش التحرير الوطني وجدوا صعوبة في تأطير هذا العدد الكبير من المتطوعين الذي أكد مقولة العربي بن مهيدي " القوا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب"ردا على بعض المترددين من أن الثورة لن تجد تجاوبا من الشعب الجزائري،وقد واجهت الثورة عند اندلاعها مشاكل خطيرة إلا أن إرادة الشعب الجزائري وتصميمه على انتزاع حريته مكنه من تجاوز هذه المشاكل. 
المشاكل التي واجهت الثورة في بدايتها 
المشاكل التي واجهت الثورة في شهورها الأولى هي:

ندرة السلاح.

انحصار مجال الجهاد أساسا في الاوراس الذي حشد الاستعمار قوات كبيرة لحصاره وتصفية المجاهدين فيه ولمواجهة هذا التحدي قررت قيادة الثورة الشروع في هجوم كبير في منطقة الشمال القسنطيني قاده البطل زيغوت يوسف من 20 إلى 27 أوت 1955 م.
الدعاية المغرضة للمستعمر.
تردد الشعب الجزائري في احتضان الثورة.

 أحداث 20 اوت 1955 (يوم المجاهد)

لم تكن الهجومات على الشمال القسنطيني عملا ارتجاليا بل تم التحضير لها وتحديد تاريخها والإتفاق على طريقة تنفيذها والأهداف المتوخاة من ورائها وعقد لهذا الغرض أول اجتماع دعي إليه المجاهد زيغود يوسف في الفترة ما بين 25 جوان و أول جويلية 1955 في ضواحي " الرمان" المسمى بالحدائق بسكيكدة وحضره مائة من المجاهدين أعضاء المنطقة الثانية منهم:الأخضر بن طوبال، مصطفى عمار بن عودة، علي كافي ،محمد الصالح ميهوب وبوضربة عمار أما فيما يخص تسيير العمليات فقد اتفق أن تستمر ثلاثة أيام.
في اليوم الأول: 20 اوت 1955 يكون الهجوم على المدن جيشا وشعبا.
في اليوم الثاني: 21 اوت 1955 يأتي الاستعمار لحماية المدن وتدعيم المراكز العسكرية فالتصدي له يكون عن طريق الكمائن في كل الطرقات لضربه وحماية مراكز جيش التحرير بالإضافة إلى كسب السلاح من عمليات تلك الكمائن.
 في اليوم الثالث: 22 أوت 1955 تنفيذ حكم الإعدام على كل الخونة في المدن. وتم كذلك في هذا الاجتماع تحديد أماكن وأهداف العمليات فاختير 40 هدفا، في المدن والقرى قام جيش التحرير الوطني بمساندة الشعب بعدة عمليات ناجحة في الشمال القسنطيني خلال الفترة الممتدة بين 20 إلى 27 أوت 1955 بقيادة زيغود يوسف، واستهدفت الثكنات العسكرية ومراكز الشرطة و الدرك والمعمرين و المصالح الاقتصادية الفرنسية.
الأهداف من هذه العمليات

أهداف أحداث 20 أوت 1955 م:

أ - الأهداف الداخلية

- فك الحصار العسكري المضروب على بعض المناطق خاصة المنطقة الأولى (منطقةالأوراس).
- تحطيم أسطورة الجيش الفرنسي الذي لايقهر.
- ترسيخ الثقة في نفوس المجاهدين و الشعب .
- تنشيط عمل جيش التحرير الوطني. البطل الشهيد زيغوت يوسف
- تفنيد الدعاية الكاذبة التي بثتها فرنسا في أوساط الشعب الجزائري على أنها تمكنت من القضاء على الثورة.
- توسيع العمليات العسكرية لتشتيت صفوف العدو وتوسيع نطاق الثورة.

ب- الأهداف الخارجية


- تأكيد التضامن الفعال مع الشعب المغربي الشقيق إذ أنها جاءت في الذكرى الثانية لنفي السلطان محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر.
- لفت أنظار العالم قبل انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وخاصة أن الكتلة الأسيوية الإفريقية في مؤتمر باندونغ قررت لأول مرة عرض القضية الجزائرية على الأمم المتحدة وفكرت القيادة في الداخل بأن تقوم بعمل عسكري لأن العمل الداخلي يكون سندا للممثلين في الخارج.
- إشعار العالم بقوة الثورة .
- إقناع الرأي العام الفرنسي، والرأي العام العالمي بان الشعب الجزائري قد تبنى ودعم جبهة التحرير
الوطني وهو مستعد لتحرير البلاد مهما كان الثمن والتضحيات.
- دحض الدعاية الإستعمارية الكاذبة من أن فرنسا تتحكم في الوضع.
- كسب الدعم الدبلوماسي والعسكري للثورة.
نتائجها 

رغم ما ترتب عن تلك الهجومات من مجازر نظمها المستعمر كما أكدها أحد جلادي الإستعمار آنذاك (أوساريس) ومضاعفة عدد عناصر العدو إلى أكثر من 400 ألف عسكري تم استقدامهم بعد انسحاب المستعمر من فيتنام بعد اتفاقيات جنيف إلا ان هذه الهجومات كانت لها نتائج إيجابية على مستقبل الثورة أهمها ما يلي:
أ- حققت الأهداف المرسومة لها عسكريا، سياسيا و إعلاميا.
ب- خففت الحصار المضروب على منطقة الاوراس .
ج- ازداد تلاحم الشعب بالمجاهدين.
د- غيرت نظرة الفرنسيين للمجاهدين، فبعد أن كانوا ينعتونهم ب "الفلاقة" و"قطاع الطرق" و "الخارجين عن
القانون" أصبحوا يسمونهم ثوارا.
ه - بعثت النشاط في العمل المسلح.
و– كسب المزيد من الدعم من الدول الصديقة والشقيقة.
ن- عملت على رفع صوت الثورة عاليا، وأشعرت العالم أن ما يجري في الجزائر هو ثورة حقيقية.  ونوقشت القضية الجزائرية في المحافل الدولية وراحت تحقق الانتصارات المتتالية. 
موقف السلطات الفرنسية من هذه الهجمات 

كان رد العدو وحشيا إذ قام بحملة قمع و تنكيل واسعة ضد السكان أدت إلى استشهاد أكثر من عشرين ألف جزائري منهم 1500 في مدينة سكيكدة لوحدها. 
صمود الثورة واستمرارها 

رغم مضاعفة العدو لقواته وتصعيده حملات بطشه، فقد تواصل الكفاح وانتصرت الثورة في مواجهات كثيرة كمعركة الجرف في ابريل 1956 حينما نصب المجاهدون في جبال النمامشة كمينا لقوات فرنسية كبيرة، قتلوا فيه 374 عسكريا و جرحوا المئات كما أسقطوا 6 طائرات عمودية، وطائرة مطاردة مقابل 8 شهداء . ونفذت الثورة عملية بالسترو (الاخضرية) يوم 18 ماي 1956 م قتل فيها 19 فرنسيا، وأحبطت عملية " الطائر الأزرق" التي انتهت بالتحاق 400 مسلح جزائري بالجهاد عشية مؤتمر الصومام بعد قتلهم ل 500 عسكري فرنسي وعميل.
التطور السياسي بعد أحداث 20 أوت 1955

 عجزت حكومة منديس فرانس على القضاء على الثورة رغم وعودها المؤكدة بتحقيق ذلك، فسقطت في 4 فبراير 1955 م بعدما عينت المجرم "جاك سوستيل" حاكما عاما جديدا على الجزائر في 26 جانفي 1955 م وخلفتها حكومة ادغارفور التي أعلنت حالةالطوارئ في البلاد، واستقدمت قوات إضافية.  ولكن امتداد لهيب الثورة مع أواخر 1955 وبداية 1956 أفقدحكومة فور ثقة الناخب الفرنسي، فسقطت لتحل محلها في جانفي 1956 م حكومة "غي موليه" الاشتراكي الذي أخذ في البحث عن الصيغة الملائمة لتنفيذ ما وعد به ناخبيه (العمل على استتباب السلم في الجزائر).
فعين في 6 فيفري 1956 المجرم "روبير لاكوست" وزيرا مقيما في الجزائر، وأعطى للإدارة الفرنسية في الجزائر سلطات خاصة، وعزز القوات المتواجدة بها حتى وصل عدد أفراد القوات الفرنسية في بلادنا إلى 400000 عسكري زيادة على ميليشيات المعمرين، وأمر سوستيل بشن حملات عسكرية كبيرة على الاوراس وبلاد القبائل.
ورغم هذه الإجراءات الشديدة، لم يتوان الشعب عن الالتفاف حول الثورة فانضم كثير من مناضلي الحركات الأخرى إليها. فالتحق فرحات عباس بجبهة التحرير الوطني بالقاهرة يوم 22 افريل 1956 م، كما انضمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و تأسس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فبراير 1956 وتتالت استقالات الموظفين والنواب الجزائريين في المجالس المختلفة، مما أجبر السلطات الفرنسية على حل "المجلس الجزائري" في 12 أفريل 1956 . وتتابعت المكاسب في نفس السنة بإضراب الطلبة في 19 ماي 1956 وإنشاء اتحاد الطلبة المسلمين في 02 جويلية والإضراب الوطني في نفس الشهر و تأسيس اتحاد التجار والحرفيين في سبتمبر.
مرحلة التنظيم و الشمول ( 1956 م- 1958 م):
من أهم الأحداث التاريخية في هذه المرحلة هو انعقاد مؤتمر الصومام .
مؤتمر الصومام ونتائجه : هو أول مؤتمر لجبهة التحرير الوطني ، انعقد بالقرب من آقبو (بجاية) بوادي الصومام في 20 أوت 1956 م في الذكرى الأولى لهجوم الشمال القسنطيني، وفي منطقة زعم الاستعمار السيطرة عليها.
الهدف من انعقاد مؤتمر الصومام هو دراسة أوضاع الثورة بعد مرور عامين على اندلاعها، وتطوير أجهزتها السياسية والعسكرية وبلورة إيديولوجيتها. وقد تولى رئاسة أشغال المؤتمر كل من العربي بن مهيدي وعبان رمضان . 
أهم التنظيمات والأجهزة التي انبثقت عن المؤتمر

 تمخض عن مؤتمر الصومام عدة قرارات تنظيمية في المجالين السياسي والعسكري.

أ-التنظيمات السياسية:

المجلس الوطني للثورة الجزائرية CNRA
يعد الهيئة العليا للثورة وهو بمثابة برلمان الثورة ، تمثلت فيه كافة التيارات باستثناء الشيوعيين وضم 30 عضوا نصفهم دائم و هم:
آيت احمد الحسين، فرحات عباس، أحمد بن بلة، عبان رمضان، مصطفى بن بولعيد، يوسف بن خدة، العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، محمد بوضياف، سعد دحلب، محمد خيضر، كريم بلقاسم، احمد توفيق المدني، زيغوت يوسف، محمد الامين دباغين، و 15 عضوا مساعدا وهم : عبد الحميد مهري، بومدين، محمد بن يحي، عمارة العسكري، بن عودة ،بن طوبال، بوصوف، محمد الشريف، سليمان دهيليس، أحمد فرنسيس، العموري، احمد محساس، علي ملاح، ابراهيم مزهودي والطيب الثعالبي)
وكان المجلس يعقد اجتماعه في الخارج، فجرت دورته الأولى عام 1957 م في القاهرة والثانية بين ديسمبر1959 وجانفي 1960 في طرابلس والثالثة خلال فيفري 1962 بتونس.وتتمثل مهام المجلس في:
- توجيه سياسة جبهة التحرير الداخلية و الخارجية.
- هو الهيئة الوحيدة التي لها الحق في أن تتخذ ما تشاء من القرارات الحاسمة التي تتعلق بمستقبل البلاد.
- هو صاحب الحق في إصدار الأمر بوقف إطلاق النار أو مواصلة الحرب.
لجنة التنسيق والتنفيذ CCE  : تمثل السلطة التنفيذية للثورة، تتكون من 5 أعضاء وهم في البداية:
العربي بن مهيدي –يوسف بن خدة – كريم بلقاسم – عبان رمضان – سعد دحلب ، كان على رأسها العربي بن مهيدي وهي مسؤولة أمام المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وتتمثل مهامها فيما يلي :
- تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الوطني للثورة الجزائرية وهي مسؤولة أمامه.
- التنسيق بين الولايات، والتنسيق بين الداخل والخارج،مارست نشاطها في البداية على ارض الوطن، ثم اضطرت في جويلية 1957 م إلى النزوح للخارج بعد استشهاد العربي بن مهيدي واعتقال قادة الخارج في 22 اكتوبر 1956 م.
ب -التنظيمات العسكرية :
تمثلت التنظيمات العسكرية فيما يلي :
 تأسيس ست ( 06 ) ولايات حربية: تقسيم التراب الوطني إلى ست ( 06 ) ولايات عسكرية (لاحظ الخريطة) على راس كل منها عقيد له أربعة نواب برتبة رائد وتنقسم كل ولاية إلى مناطق وكل منطقة إلى نواحي وكل ناحية إلى أقسام ودوائر.

 تنظيم جيش التحرير الوطني : إنشاء هيئة أركان له، ومجموعة مصالح عسكرية مختصة بالشؤون الحربية والأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وقسم الجيش كما يلي :

-1 المجاهدون : يمارسون العمل الحربي بالزي العسكري .
-2 المسبلون والفدائيون : يمارسون العمل الحربي بالزى المدني، ومهامهم تتمثل في تنظيم العمليات الفدائية و تزويد الجيش بالمعلومات والأخبار ومختلف الخدمات

تنظيم الجيش في وحدات وهي :
- نصف الفوج : 5 جنود. - الفوج: 11 جنديا - الفرقة : 35 جنديا - الكتيبة: 110 جنديا - الفيلق: 350 جنديا.
نتائج مؤتمر الصومام

مكن الثورة من وضع جهاز تنظيمي شامل سياسيا وعسكريا.
 بلور المسار الثوري لدى الرأي العام الداخلي والخارجي.
 أعطى دفعا قويا مجددا للثورة.
شكل لنتصارا سياسيا حاسما.
مكن م سد الثغرات التي عانتها الثورة منذ اندلاعها.
تطور الثورة من 1956 - 1958 
ازدادت بفعل مؤتمر الصومام الثورة تماسكا و تنظيما و امتدت لتشمل سائر مناطق البلاد بما فيها الصحراء. وعمد جيش التحرير إلى تشجيع الفلاحين على زيادة إنتاجهم لسد حاجة الثورة، كما عمل على فتح المدارس وإقامة المشافي وتقديم العون للاجئين والمنكوبين .
وكان تركيز الثورة في هذه المرحلة منصبا على أربعة جبهات هي :
أ- مواصلة الجهاد على الجبهة التقليدية فحقق المجاهدون سلسلة انتصارات في معارك نذكر منها معركة ( جبل العمور(أكتوبر 1956 ) والقل (ماي 1957 ) وبوزقزة (اوت 1957 ) وتيغرين-آقبو (أكتوبر 1957 وتيميمون (نوفمبر 1957 ) وجبل الخيفة (مارس 1958 ) وعنابة ( 1958 ) التي واجه فيها 60 مجاهدا آلاف العسكريين الفرنسيين قتلوا منهم عدة مئات وأسقطوا 03 طائرات مقابل 33 شهيدا، هذا وقامت فرنسا في 22 أكتوبر 1956 م بتحويل طائرة الخطوط الجوية المغربية التي كانت في رحلة من المغرب إلى تونس واختطفت من كان على متنها من قادة الثورة وهم : بن بلة وآيت احمد وبوضياف وخيضر، ظنا منها أنها بقرصنتها هذه تستطيع أن تقضي على الثورة لكن ذلك لم يؤثر أبدا في مسيرة الثورة التي ظهر طابعها الشعبي جليا وكان في مقدورها أن تنجب الآلاف من القادة بفعل تصميم الشعب الجزائري على الحرية والإستقلال، ورد المغاربة على ذلك بقتل عدد من الفرنسيين في مدينة مكناس، ومحاولة من فرنسا ضرب الخطوط الخلفية للثورة قامت في 08 فيفري 1958 م بغارات عدوانية على ساقية سيدي يوسف الواقعة على الحدود التونسية ، فأوقعت أكثر من 100 قتيل من المدنيين العزل وذلك بحجة الرد على إطلاق نار مزعوم على طائرتها .
ب -استخدام العاصمة ميدانا للتحرك الثوري بمضاعفة الأعمال الفدائية فيها، وبلغت ذروتها خلال الشهور السبعة الأولى من عام 1957 م وفي خضمها اعتقل وأعدم الشهيد العربي بن مهيدي في مارس 1957 م .
ج- إبراز الكيان السياسي للثورة على المسرح الدولي للحصول على مكانة تليق بدولة وتمكنت الثورة من إيصال صوتها وقضيتها إلى أحرار العالم والى المحافل الدولية، فتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية عشر في 17 فيفري 1957 م والثانية عشر في 13 ديسمبر 1957 م توصيات بالبحث عن حل سلمي و ديمقراطي وعادل للقضية الجزائرية.
وشاركت جبهة التحرير الوطني في مؤتمر طنجة بالمغرب الأقصى من 27 إلى 3 افريل 1958 م إلى جانب حزب الاستقلال (المغرب) والحزب الدستوري (تونس) وحازت على تأييد المؤتمرين لمبدأ تشكيل حكومة جزائرية مؤقتة .
د- العمل السياسي في داخل فرنسا لاستقطاب جاليتنا هناك و كسب تعاطف الجهات التقدمية الفرنسية.
مرحلة حرب الإبادة  (1958 - 1960)
بمرور الزمن تكرس عجز المستعمر عن تصفية الثورة الجزائرية، وشرعت الأطراف الفرنسية المختلفة ( الجيش – الحكومة – المعمرون – الأحزاب ...) تحمل بعضها بعضا مسؤولية ذلك الإخفاق وفي 13 ماي 1958 م قاد الجنرالان صالان وماسو حركة انقلاب عسكري على حكومة فرنسا وطالبا بتسليم السلطة إلى ديغول . فقام البرلمان الفرنسي باستدعاء الجنرال المتقاعد و قلده السلطة في 01 جوان 1958 م واشترط ديغول القيام بتعديلات دستورية هامة تخول رئيس الجمهورية سلطات واسعة فانهارت بذلك الجمهورية الرابعة وقامت الجمهورية الخامسة. 
سياسة ديغول اتجاه الثورة

 ظن ديغول أنه باستطاعته حل المسالة الجزائرية بتسوية سياسة تكرس شعار "الجزائر فرنسية " ولاتراعي مطالب الجزائريين بالاستقلال. وعمد لتحقيق ذلك بإنتهاج وسيلة الضغط العسكري الشديد للقضاء على الثورة، وقد مرت سياسة ديغول اتجاه الثورة بمرحلتين هما :
مرحلة الحلول الجذرية " الاستئصالية" من 1958 إلى مطلع 1961
تركزت حول محورين أولهما أساسي والآخر ثانوي أو مكمل وهما :
محور حرب الإبادة : عمد ديغول إلى تعيين الجنرال شال في 12 ديسمبر 1958 م رئيسا للأركان خلفا لصالان، والى تصعيد الإجراءات العسكرية ضد الشعب الجزائري وثورته مستعملا أساليب جهنمية جديدة تتناسب واستراتيجية السياسة العسكرية وقد تمثلت فيما يلي

أ - وضع وتطبيق مخطط شال المتضمن القيام بعمليات واسعة تشارك فيها قوات كبيرة ضد مناطق مختارة، تمشط و تدمر بنيتها التحتية، ثم تشق فيها الطرق وتقام التحصينات لوضعها تحت الرقابة التامة وهكذا عرفت هذه المرحلة عمليات إبادة وحشية نذكر منها:
- عملية الشرارة في جبال الحضنة في جويلية 1959 م.
- عملية المنظار في جرجرة من جويلية إلى نوفمبر 1959 م.
- عملية الأحجار الكريمة في الشمال القسنطيني في جويلية 1959 م.
- عملية ماراتون في شهر افريل 1960 ضد الأراضي التونسية بحجة ضرب وحدات جيش التحرير.
- عملية المحس في جبال الضاية من افريل إلى ماي 1960 م.
- عملية بروميثيوس في الجنوب الوهراني من ماي إلى سبتمبر 1960 م.
- عملية الزير في الونشريس من جويلية إلى أوت 1960 م.
ب- مواصلة تطويق الحدود الجزائرية مع تونس والمغرب بأسلاك شائكة مكهربة، إذ أقيم على حدودنا الشرقية "خط شال" بموازاة "خط موريس".
ج– تشديد المراقبة والقمع في المدن، وإدخال أجهزة التعذيب المتطورة، وتخصيص فرق من المظليين للسيطرة على العاصمة .
د – التوسع في إنشاء المناطق المحرمة في الأرياف، وإجبار السكان على الإقامة في المحتشدات حتى بلغ عددهم عام 1960 م 2.5 مليون وتصعيد الحرب النفسية عليهم.
ه- العمل على زرع أعداد كبيرة من الخونة في صفوف الثورة.
و- إجراءات أخرى كتسميم المياه، ومحاولات تزويد المجاهدين بوسائل خبيثة كذخائر متفجرة لقتلهم ، وقد وقعت في هذه المرحلة عدة معارك أهمها معركة اكفادو (15-17 أكتوبر 1958) ومعركة البرواقية (03 جانفي 1959 ) و جبل مزي ( 06 ماي 1960 ) وفيها أيضا استشهد عميروش والحواس ( 28 مارس 1959 ) وقامت فرنسا بتفجير قنبلتها الذرية الأولى في رقان ( 13 فيفري 1960)
محور الإغراءات والمناورات : وتجلى ذلك فيما يلي :
أ- محاولة إنشاء قوة ثالثة : حاولت فرنسا إنشاء قوة من الشخصيات التقليدية والمعادية للثورة لتكون منافسا لجبهة التحرير الوطني في تمثيل الشعب الجزائري.
ب مشروع قسنطينة : عرض ديغول أثناء زيارته الثانية للجزائر (2-5 اكتوبر 1958) بهدف امتصاص نقمة الجزائريين وتصوير الثورة على أنها قامت لأسباب مادية، وأن توفير الشغل وبعث مشاريع اقتصادية واجتماعية قد تدفع الجزائريين إلى التخلي عن الثورة،وقد تضمن المشروع توفير الشغل ل 115 ألف جزائري، وإقامة 200 ألف سكن ومشاريع اقتصادية واجتماعية، وبيع الأراضي للجزائريين بالتقسيط وذلك خلال خمس  سنوات  (1959 - 1963)
ج- عرض سلم الشجعان: كان ذلك في 23 أكتوبر 1958 م، ونص على تسليم المجاهدين أسلحتهم مقابل العفو عنهم، والإعتراف بالشخصية الجزائرية.
د- مشروع حق تقرير المصير والدولة الجزائرية: اقترح ديغول في 16 ديسمبر 1959 م هذا المشروع الذي يتضمن الإختيار بين جمهورية جزائرية متحدة مع فرنسا، أو جمهورية منفصلة، مع تقسيم شمال الجزائر إلى منطقتين إحداهما خاصة بالمستوطنين (وتشمل المناطق الغنية) والثانية خاصة بالمسلمين ، أما الصحراء فتظل تابعة لفرنسا.
مرحلة الحلول الواقعية : رغم ما ترتب عن سياسة ديغول العسكرية من ضحايا وتخريب إلا أن الثورة صمدت وواجه الجزائريون خطة شال الجهنمية بصبر وإيمان فالجرائم المرتكبة لم تضعف إرادة الثورة، بل ضاعفت تكلفة الحرب بالنسبة لفرنسا وأمام هذا الموقف بدا القلق يستبد بالرأي العام الفرنسي الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التضحيات، كما أن المتطرفين الفرنسيين(خاصة العسكريون والمعمرون) لم يخفوا تذمرهم من سياسة ديغول، وأضحت فرنسا منقسمة تجاه الجزائر والجمهورية الخامسة مهددة بالسقوط، خاصة حينما تمرد المعمرون وقطاع من الجيش الفرنسي في الجزائر بقيادة "ماسو" في 24 جانفي 1960 م بسبب اعتراف
ديغول بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير، وقد رد ديغول بعزل " ماسو" والتصدي لحركة التمرد فقتل 25 أوربيا.
وبفعل تلك التطورات وكذا تزايد التأييد الدولي للثورة على حساب الموقف الفرنسي ،و تدهور علاقات باريس مع العالم العربي ثم خروج مظاهرات 11 ديسمبر 1960 رضخ ديغول نهائيا إلى التفاوض وتقديم التنازلات ، فبدأت المرحلة الرابعة من عمر الثورة وهي مرحلة المفاوضات والإستقلال .
موقف الثورة من سياسة ديغول

ردت الثورة على سياسة ديغول بما يلي :
- مجابهة خطة شال بتصغير الوحدات العسكرية، واعتماد حرب الكمائن والإكثار من العمليات الفدائية .
- شن حملة على خط موريس منذ 1958 م ثم على خط شال فيما بعد لمنع فرنسا من خنق الثورة ، وذلك رغم الخسائر التي كلفتها الحملة، وفي هذا الإطار جاءت معركة " عين الزانة" (شمالي سوق اهراس) من 02 إلى 14 جويلية 1959 م.

- الشروع في العمل المسلح داخل فرنسا نفسها .

- الإعلان من القاهرة يوم 19 سبتمبر 1958 عن تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، لتكون الممثل الشرعي للشعب الجزائري، والناطق الرسمي باسمه وقائدة للثورة سياسيا وعسكريا، وقد كان رئيسها الأول " فرحات عباس " وكان في عضويتها : كريم بلقاسم (نائبا للرئيس ووزيرا للقوات المسلحة)، بن بلة (نائبا ثانيا للرئيس) آيت احمد، رابح بيطاط، بوضياف، خيضر (وزراء دولة) محمد الأمين دباغين (وزيرا للشؤون الخارجية) محمد الشريف (شؤون السلاح والتموين ) بن طوبال (الداخلية)، بوصوف (الاتصالات العامة والمخابرات)، أحمد فرنسيس (الشؤون الاقتصادية والمالية)، توفيق المدني (الثقافة) بن خدة (الشؤون الاجتماعية)
محمد يزيد (الأخبار) مهري(شؤون المغرب العربي)، مصطفى اسطمبولي، الأمين خان، عمر الصديق (كتابا للدولة )، بالإضافة إلى هيئة أركان الحرب. ولجنة وزارية للدفاع.
- إعلان الحكومة المؤقتة منذ نوفمبر 1959 م موافقتها على التفاوض مع فرنسا شريطة الإعتراف بالشخصية الجزائرية.، والحفاظ على وحدة الجزائر الترابية بما فيها الصحراء وبهذا الخصوص جاءت مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تحت شعار الجزائر المستقلة الموحدة.


------------------------------------


الجزائر و المنظمات الدولية 


الجزائر وهيئة الامم المتحدة:

انظمت اليها الجزائر في 1962 كما انظمت اى منظماتها مثل اليونسف اليونسكو والفاو(منظمة التغذية والزراعة) بهدف
حفظ الامن والسلم الدوليينفي كل المجالات
الحد من ظاهرة التسلح
مساندة قضايا التحرر

الجزائر والمنظمات الاقليمية

الاتحاد الافريقي (منظمة الوحدة الافريقي) انظمت لها في 1963
الاتحاد المغاربي الذي تاسس في 1989 في الجزائر
حركات دول عدم الانحياز انظمت لها في 1961
وذلك بهدف
تسوية الخلافات بي الدول الافريقية
التعاون بين مختلف دولها 
احترام حقوق الانسان
الاهداف هاذي نتاع هادوك الثلاثة المنظمات
الجامعة العربية انظمت لها بعد الاستقلال رسميا
منظمة المؤتمر الاسلامي انظمت لها في 1962 وهي من بين الدول المؤسسة
وذلك كله بهدف
حل مشاكل الدول العربية
توحيد مواقف الدول العربية في مختلف القضايا
ايجاد اليات التعاون فيما بينهم
الجزائر ومنظمات الاقتصادية
النيبادوهو اسم مختصر للشراكة الجديدة لتنمية في افريقية تاسس في جويلة 2002 من طرف الجزائر ونيجيريا وجنوب افريقيا 
بهدف
العمل على التطوير من خلال تبادل الخبرات بين الدول الافريقية
تعزيز التوجه الافريقي نحو الاصلاح والتقدم
الاوبيك هي منظمة الدول المصدرة للبترول اغنظمت لها الجزائر في 1967 بهدف
الاستفادة من الثروة البترولية
تحسين وحماية العائدات البترولية
منظمة التجارة العالمية طلبت الانظمام اليها في 1996 بهدف
اقامة علاقات اقتصادية على المستوى الاقليمي
رفع الكفاءة الانتاجية لتفادي الاستراد باسعار مرتفعة
تحقيق الاكتفاء الذاتي

مشاركة مع اصدقاء

هناك تعليقان (2)