مواضيع متنوعة في الثقافة العامة مسابقة توظيف اساتذة التعليم 2016 - الجزء الثاني -
الاحتباس الحراري
يحتوي الجو حاليا على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغاز الأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءً بالمليون التي كانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية
*
أبتكر مصطلح "الاحتباس الحراري" العالم الكيماوي السويدي،سفانتى أرينيوس، عام1896م، وقد أطلق أرينيوس نظرية أن الوقود الحفري المحترق سيزيد من كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وأنه سيؤدي إلى زيادة درجات حرارة الأرض.ولقد استنتج أنه في حالة تضاعف تركزات ثاني أكسيد الكربون فـي الغلاف الجوي فأننا سنشـهد ارتفاعا بمعدل 4 إلى 5 درجة سلسيوس في درجة حرارة الكرة الأرضية،ويقترب ذلك على نـحو مـلفت للنظر من توقعـات اليوم.
ومن المعروف أن آثر الاحتباس الحراري ولملايين السنين قد دعم الحياة على هذا الكوكب. وفي مثل ما يحدث في درجة البيت الزجاجي فإن أشعة الشمس تتغلغل وتسخن الداخل إلا أن الزجاج يمنعها من الرجوع إلى الهواء المعتدل البرودة في الخارج. والنتيجة أن درجة الحرارة في البيت الزجاجي هي أكبر من درجات الحرارة الخارجية.كذلك الأمر بالنسبة لأثر الاحتباس الحراري فهو يجعل درجة حرارة كوكبنا أكبر من درجة حرارة الفضاء الخارجي. ومن المعروف كذلك أن كميات صغيرة من غازات الاحترار المتواجدة في الجو تلتقط حرارة الشمس لتسخن الأراضي والهواء والمياه مما يبعث الحياة على الأرض.
ما هي ظاهرة الإحتباس الحراري؟
ظاهرة الاحتباس الحراري: هي الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. وسبب هذا الارتفاع هو زيادة انبعاث .green house gases الغازات الدفيئة أو غازات الصوبة الخضراء " ، وأهم هذه الغازات ، الميثان الذي يتكون من تفاعلات ميكروبية في حقول الأرز وتربية الحيوانات المجترة ومن حرق الكتلة الحيوية (الأشجار والنباتات ومخلفات الحيوانات)، كما ينتج من مياه المستنقعات الآسنة. وبالإضافة إلى الميثان هناك غاز أكسيد النيروز (يتكون أيضا من تفاعلات ميكروبية تحدث في المياه والتربة ) ومجموعة غازات الكلوروفلوروكربون (التي تتسبب في تآكل طبقة الأوزون ) وأخيرا غاز الأوزون الذي يتكون في طبقات الجو السفلي.
مفهوم العلماء للاحتباس الحراري
الاحتباس الحراري: هي ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في تدفق الطاقة الحرارية من البيئة و إليها. و عادة ما يطلق هذا الاسم على ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض في معدلها. و عن مسببات هذه الظاهرة على المستوى الأرضي أي عن سبب ظاهرة إرتفاع حرارة كوكب الأرض ينقسم العلماء إلا من يقول أن هذه الظاهرة طبيعية و أن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة و فترت باردة مستشهدين بذلك عن طريق فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و 18 في أوروبا، وفريق آخر يعزون تلك الظاهرة إلى تراكم غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
أسباب انبعاث الملوثات إلى الجو هي
:
أولا: أٍسباب طبيعية وهي:
أ- البراكين ب- حرائق الغابات ج- الملوثات العضوية.
ثانيا: أسباب صناعية:
أي ناتجة عن نشاطات الإنسان وخاصة احتراق الوقود الاحفوري "نفط, فحم, غاز طبيعي".
أسباب التغيرات المناخية
أولا: طبيعية:
أ- التغيرات التي تحدث لمدار الأرض حول الشمس وما ينتج عنها من تغير في كمية الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض. وهذا عامل مهم جدا في التغيرات المناخية ويحدث عبر التاريخ. وهذا يقود إلى أن أي تغيير في الإشعاع سيؤثر على المناخ.
ب- الانفجارات البركانية. ج- التغير في مكونات الغلاف الجوي.
ثانيا: غير طبيعية:
وهي ناتجة من النشاطات الإنسانية المختلفة مثل:
أ- قطع الأعشاب وإزالة الغابات. ب- استعمال الإنسان للطاقة.
ج- استعمال الإنسان للوقود الاحفوري "نفط, فحم, غاز" وهذا يؤدي إلى زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو ، مما ينجم عنه زيادة درجة حرارة الجو.
في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ظهر اختلال في مكونات الغلاف الجوي نتيجة النشاطات الإنسانية ومنها تقدم الصناعة ووسائل المواصلات, ومنذ الثورة الصناعية وحتى الآن ونتيجة لاعتمادها على الوقود الاحفوري " فحم، بترول، غاز طبيعي " كمصدر أساسي ورئيس للطاقة واستخدام غازات الكلوروفلوروكاربون في الصناعات بشكل كبير، أدى ذلك حسب رأي العلماء على زيادة الدفء على سطح الكرة الأرضية وحدوث ما يسمى بـ
" ظاهرة الاحتباس الحراري Global Warning " وهذا ناتج عن زيادة الغازات الدفيئة.
الغازات الدفيئة
تعد المركبات الكيميائية التالية أهم غازات الدفيئة وهي:
1- بخار الماء
2- ثاني أكسيد الكربونCO2
3- أكسيد النيتروز (N2O)
4-الميثان CH4
5- الأوزون O3
6- الكلورفلوركربون FCs))
دور الغازات الدفيئة:
الطاقة الحرارية التي تصل الأرض من الشمس تؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة وكذلك تعمل على تبخير المياه وحركة الهواء أفقيا وعموديا؛ وفي الوقت نفسه تفقد الأرض طاقتها الحرارية نتيجة الإشعاع الأرضي الذي ينبعث على شكل إشعاعات طويلة " تحت الحمراء ", بحيث يكون معدل ما تكتسب الأرض من طاقة شمسية مساويا لما تفقده بالإشعاع الأرضي إلى الفضاء. وهذا الاتزان الحراري يؤدي إلى ثبوت معدل درجة حرارة سطح الأرض عند مقدار معين وهو 15°س .
والغازات الدفيئة " تلعب دورا حيويا ومهما في اعتدال درجة حرارة سطح الأرض " حيث:
- تمتص الأرض الطاقة المنبعثة من الإشعاعات الشمسية وتعكس جزء من هذه الإشعاعات إلى الفضاء الخارجي, وجزء من هذه الطاقة أو الإشعاعات يمتص من خلال بعض الغازات الموجودة في الغلاف الجوي. وهذه الغازات هي الغازات الدفيئة التي تلعب دورا حيويا ورئيسا في تدفئة سطح الأرض للمستوى الذي تجعل الحياة ممكنة على سطح الأرض.
- حيث تقوم هذه الغازات الطبيعية على امتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من سطح الأرض وتحتفظ بها في الغلاف الجوي لتحافظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وبمعدلها الطبيعي " أي بحدود 15°س ". ولولا هذه الغازات لوصلت درجة حرارة سطح الأرض إلى 18°س تحت الصفر.
مما تقدم ونتيجة النشاطات الإنسانية المتزايدة وخاصة الصناعية منها أصبحنا نلاحظ الآن: إن زيادة الغازات الدفيئة لدرجة أصبح مقدارها يفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة سطح الأرض ثابتة وعند مقدار معين. فوجود كميات إضافية من الغازات الدفيئة وتراكم وجودها في الغلاف الجوي يؤدي إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي وبالتالي تبدأ درجة حرارة سطح الأرض بالارتفاع.
مؤشرات لبداية حدوث هذه الظاهرة
1- يحتوي الجو حاليا على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغاز الأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءً بالمليون التي كانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية. ومن هنا نلاحظ ان مقدار تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أصبح أعلى بحوالي 30% عما كان عليه تركيزه قبل الثورة الصناعية.
2- ان مقدار تركيز الميثان ازداد إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية.
3- الكلوروفلوركاربون يزداد بمقدار 4% سنويا عن النسب الحالية.
4- أكسيد النيتروز أصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية (حسب آخر البيانات الصحفية لمنظمة الأرصاد العالمية ).
من نجد أن تلك المتغيرات المناخية قد أدت إلى:
أ- ارتفع مستوى المياه في البحار من 0.3-0.7 قدم خلال القرن الماضي.
ب- ارتفعت درجة الحرارة ما بين 0.4 – 0.8°س خلال القرن الماضي حسب تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة.
الاحتباس الحراري "يغير العالم فعلا"
من المقرر أن يعلن تقرير للأمم المتحدة أن التغير المناخي يترك بالفعل تأثيرات ضخمة على طبيعة العالم وبيئته.
ويعتقد تقرير منتدى التغير المناخي الخاص بالتنسيق ما بين الحكومات، إن ثمة تأثيرا يمكن ملاحظته على المجتمعات البشرية، وإن كان التأثير على البشر أقل وضوحا من التأثير على الطبيعة.
وتحذر مسودة التقرير التي اطلعت عليها بي بي سي من الصعوبات التي ستواجه المجتمعات البشرية في التكيف مع كافة التغيرات المناخية المحتملة.
وسيتضمن التقرير إن ارتفاع درجات حرارة الكوكب بمقدار 1.5 درجة مئوية عن مستويات عام 1990 سيجعل نحو ثلث الأنواع الحيوانية والنباتية معرضة لخطر الانقراض.
ويضيف أن أكثر من مليار شخص سيكونون عرضة بشكل أكثر لنقص المياه، ويرجع ذلك بالأساس إلى ذوبان الثلوج الجبلية والمساحات الجليدية التي تعمل كخزان طبيعي للمياه العذبة.
ومن المتوقع أن يؤدي تنازع الأطراف المختلفة حول صياغة التقرير قبل صدوره في مدى قطعية اللغة التي سيصدر بها، وإن لم يؤثر في توجهه العام.
ويعقد علماء ومسؤولون بحكومات الدول مفاوضات مكثفة في بروكسل قبل صدور التقرير.
ويستجوب مسؤولون من الولايات المتحدة، والصين والهند العلماء حول صياغة التقرير الذي قد يحذر من "آثار مدمرة" على ملايين الأشخاص" خاصة في البقاع الأفقر من العالم.
ويعزي كثير من العلماء ارتفاع حرارة الأرض إلى ما يعرف بغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، التي تبثها صناعات الدول الثقيلة وحرق الوقود الحفري في أجواء الكوكب.
ويشمل التقرير أكثر من 29 ألفا من البيانات العلمية حول أشكال التغير في المناحي الفيزيائية والبيولوجية من العالم الطبيعي.
ويقول التقرير إن 85% من تلك البيانات تشير إلى ارتفاع حرارة الكوكب.
دراسات عن ظاهرة الإحتباس الحراري.
أفادت دراسة نشرتها المجلة العلمية الشهيرة ساينس SCIENCE ، ان ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تعاني منها الأرض ستزيد من مخاطر انتشار الأوبئة بين الحيوانات والنباتات البرية والبحرية مع زيادة مخاطر انتقال هذه الأمراض إلى البشر .
يقول العالم (( درو هارفيل )) من جامعة ( كورنل ) ورئيس فريق البحث العلمي (( إن ما يثير الدهشة والاستغراب إن الأوبئة الشديدة التأثر بالمناخ تظهر عبر أنواع مختلفة جدا من مولدات المرض من فيروسات وجراثيم وطفيليات ، وتصيب مجموعة متنوعة للغاية من الكائنات ، منها المرجان والمحار والنباتات البرية والعصافير والبشر )) .
لقد كرس الباحثون دراستهم طوال سنتين حول العلاقة بين التغير في درجة الحرارة ونمو الفيروسات والجراثيم وغيرها من عوامل الأمراض ، مع دراسة عوامل نشر بعض الأمراض مثل القوارض والبعوض والذباب ، وقد وجد انه مع ارتفاع درجة الحرارة ، يزداد نشاط ناقلات الأمراض - حشرات وقوارض – فتصيب عدد أكبر من البشر والحيوانات ، وقد وجد أن فصول الشتاء المتعاقبة والمعتدلة حراريا فقدت دورها الطبيعي في الحد من مجموعة الجراثيم والفيروسات وناقلات المرض ، كذلك فقد لوحظ أن فصول الصيف في العقد الأخير من القرن الماضي زادت حرارة وطولا ، مما زاد من المدة التي يمكن للأمراض أن تنتقل خلالها إلى الأجناس الحية الشديدة التأثر بالتغييرات الحرارية وخصوصا في البحار والمحيطات .
يقول الباحث (( ريتشارد اوستفيلد )) من معهد دراسة الأنظمة البيئية في نيويورك (( أن المسألة لا تقتصر على مشكلة مرجان أبيض وفقد لونه كما يقول حماة البيئة ، أو بعض حالات الملاريا المتفرقة التي يمكن السيطرة عليها ، الأمر له أوجه كثيرة ومتفرقة ونحن قلقون )) .
لقد تناولت الدراسة حياة الكثير من الطيور والحيوانات التي تأثرت بفعل ارتفاع الحرارة ، ويذكر الباحثون على سبيل المثال طيور ( الأكيبا ) في هاواي ، حيث تعيش هذه الطيور على ارتفاع يبلغ 700 متر في جبال جزيرة ( ماوي ) ، محتمية بالبرودة على هذا الارتفاع من البعوض والحشرات التي تدمر حياتها ، غير إن ارتفاع الحرارة جعل البعوض يصل إلى مثل هذا الارتفاع جالبا معه جراثيم الملاريا التي أصابت أعـداد كبيرة من هذه الطيور وفتكت بها ولم تترك منها إلا عددا ضئيلا .
الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي
أدركت دول العالم أهمية التعاون فيما بينها من أجل مكافحة التغير المناخي وذلك باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة تحد من انبعاث الغازات الدفيئة.وقد عقدت في سبيل ذلك عددا من المؤتمرات الدولية كان آخرها مؤتمر كييتو الذي عقد في اليابان في عام 1997.وقد كان مؤتمر المناخ العالمي الثاني الذي عقد في جينيف في الفترة من 29 أكتوبر إلى 7 نوفمبر 1990،دق ناقوس الخطر منذراً بالعواقب الجسيمة للتغير المناخي المتوقع. وقد عقد ذلك المؤتمر برعاية المنظمة العالمية للأرصاد الجوية،وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ، ومنظمة اليونسكو ، وغيرها من المنظمات الدولية، وشارك فيه أكثر من 700 عالم من 100 بلد. وقد جاء البيان العلمي والفني الصادر عن ذلك المؤتمر أن "معدل الزيادة المتوقعة لدرجة الحرارة خلال القرن القادم-إذا لم يتم الحد من الزيادة المطردة للغازات الدفيئة ستكون زيادة غير مسبوقة،ولم يحدث لها نظير خلال العشرة آلاف سنة السابقة، وأنها ستؤدي إلى تغيرات في المناخ تشكل تهديدا بيئيا خطيرا يمكن أن يعرض التنمية الاجتماعية والاقتصادية في كثير من مناطق العالم للخطر.بل يمكن أن يهدد البقاء في بعض الجزر الصغيرة كجزر المالديف وغيرها،وفي المناطق الساحلية المنخفضة،والمناطق القاحلة وشبه القاحلة".
ولان دول العالم كانت تدرك منذ ذلك الوقت، إن مكافحة من ظاهرة التغير المناخي تتطلب جهداً كبيراً ونفقات باهظة، للحد من انبعاث الغازات الدفيئة، وأن ذلك يتطلب نفقات باهظة لتطوير التكنولوجيا الحديثة لاستغلال الطاقة، أو إيجاد تكنولوجيا بديلة تكون أقل تلويثا للبيئة،فإن المؤتمر الدولي للأرض الذي عقد في مدينة ريوديجانيرو عام 1995 ، وبحضور عدد كبير من رؤساء الدول،قد دعي مختلف الدول خاصة الدول الصناعية لإلى خفض انبعاث الغازات الدفيئة،إلا أنه قد جعل تنفيذ الدول لتلك التوصيات اختياريا ولهذا معظم الدول لم تنفذ تلك التوصية ولم تخفض الدول الصناعية نسبة انبعاث الغازات الدفيئة،مما أدى استفحال الأمر ،وأصبح يهدد بخطر جسيم،ولذا،فقد تداعت160 دولة إلى مؤتمر كييتو الذي عقد في ديسمبر عام 1997 في اليابان،لاتخاذ خطوات جادة ، والاتفاق على إجراءات إلزامية تتقيد بموجبها مختلف دول العالم بخفض انبعاث الغازات الدفيئة بنسب محددة.وقد تم الاتفاق خلال ذلك المؤتمر على أن تقوم الولايات المتحدة بخفض انبعاث الغازات الدفيئة التي تصدر عنها بنسبة7%،واليابان بنسبة 6%،ودول الإتحاد الأوروبي بنسبة 8% كما تم الاتفاق على عدد من الإجراءات التنفيذية الخاصة بخفض انبعاث الغازات في العالم بنسبة متوسطها 5% ، وذلك مقارنة بنسبة انبعاث تلك الغازات عام 1990، على أن يتم الخفض خلال الفترة 2008-2012 م .
ومما لاشك فيه أن خفض نسبة الغازات الدفيئة يمكن إن يتم بوسائل متعددة منها استخدام مصادر بديلة للطاقة لا تلوث البيئة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.والحد من استخدام وسائل النقل الخاصة والاعتماد بشكل متزايد على وسائل النقل العام وتطوير السيارات التي تسير على الطاقة الكهربائية ، وغيـــرها.
/ دائرة الأرصاد الجوية .
ماهية تأثيرات التغير المناخي وتقلبية المناخ في التطور الاجتماعي الاقتصادي(
لاتزال التقديرات المتوافرة للتأثيرات الاقتصادية للتغير المناخي في بداياتها الأولى؛ لأن هناك العديد من المشكلات التي تؤثر في تقييم هذه التأثيرات في القطاعات الخاصة من الاقتصاد، ومن بينها الصعوبات، لا سيما في البلدان النامية، التي تعترض قياس القيمة الاقتصادية لهذه التأثيرات.
وبحسب الفريق الدولي الحكومي المعني بتغير المناخ، فإن الخسائر التي سوف تنجم عن تسخين للكرة الأرضية مقداره 2.5 درجة سيلزية تراوح بين واحد و1.5 في المئة من الناتج القومي الإجمالي GDP سنويا في الدول المتقدمة، وما بين 2 و9 في المئة في الدول النامية. والتسخين المشار إليه هو مقدار قريب من منتصف التقديرات الخاصة بميزان التسخين الشامل للكرة الأرضية المصحوب بمضاعفة التركيزات المعادلة في ثنائي أكسيد الكربون في عالم يشبه عالم اليوم. وقد بنيت تقديرات الخسائر المتوقعة على عدد كبير من الافتراضات وهي عرضة لبعض التحفظات؛ لأن التطبيق العملي لهذه التقديرات على التغير المناخي هو أمر صعب، ليس لعدم التثبت من التقديرات بحد ذاتها فحسب بل أيضا بسبب الطبيعة العالمية لهذه المشكلة وتعدد أجناس البشر الذين لهم علاقة بها. فقد تستفيد بعض النظم في بعض المناطق من التغير المناخي لفترة من الزمن، في حين أن هذا التغير ستكون له تأثيرات ضارة في العديد من المناطق الأخرى. وهكذا ستكون التأثيرات موزعة في العالم بشكل غير متساو.
وفيما يلي، عرض موجز لبعض التأثيرات الأساسية بالنسبة إلى التطور الاجتماعي الاقتصادي:
الترابط بين التغير المناخي والمصادر الطبيعية
إن مكونات المصادر الطبيعية التي سنستعرضها في هذه الفقرة هي المياه العذبة والغابات والمنظومات البيئية الأخرى على اليابسة وفي المياه، إضافة إلى صحة الإنسان والوقود الكربوني. والتغير المناخي يمكن أن يشكل إجهادا stress يضاف إلى الإجهادات الأخرى مثل الزيادة السكانية وتدهور البيئة والعولمة الاقتصادية.
المياه العذبة
إن المياه المتوافرة في منطقة ما هي من الاعتبارات التي يتضمنها تصنيف مناخها. ويتوقف مقدار المياه المتوافرة بدوره على كمية الهطل (المطري والثلجي)، وعلى الجريان السطحي runoff، والتبخر من سطح التربة ومن الأجسام المائية والنتح من النباتات evapotranspiration. وتتوقف نوعية المياه على قربها أو بعدها عن مصادر التلوث فضلا عن السياسات والإجراءات المعمول بها لتقليل التلوث. وفي مسألة التغير المناخي، يمكن أن تتأثر نوعية المياه إذا ما ازداد تكرر حالات الطقس المتطرف مثل الجفاف والفيضانات.
من المنتظر أن يزداد الهطل حول العالم مع ازدياد درجة حرارة الكرة الأرضية، إلا أن توزعه الإقليمي ليس واضحا. فعلى سبيل المثال تُظْهِر النماذج الحاسوبية، التي أَخَذت بعين الاعتبار وجود غازات الاحتباس الحراري والهباء الجوي، تناقصا في الأمطار في منطقة الرياح الموسمية في آسيا؛ في حين تُظْهر نماذج أخرى، لا تأخذ بعين الاعتبار سوى غازات الاحتباس الحراري، زيادة في أمطار هذه المنطقة. ومن شأن شدة الهطل أن تؤثر في كل من الجريان السطحي وإعادة تغذية المياه الجوفية. أما ارتفاع درجة الحرارة فمن شأنه أن يؤدي إلى زيادة التبخر وجعل التربة أكثر جفافا، كما من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الجريان السطحي في الشتاء نتيجة لذوبان الثلوج، وإلى نقص في جريان المياه في فصل الربيع. فضلا عن ذلك فإن ارتفاع درجة الحرارة سيؤدي إلى ذوبان أكثر للمجلدات في وقت مبكر من فترة التسخين إلى أن يتم استنفاد الجليد كله عندما تتوقف تراكمات الثلج والجليد القديمة على أن تكون مصدرا للمياه. ولما كانت منظومة المياه كالأنهار والبحيرات تتجاوز الحدود بين الدول وأن ثلثي الأحواض الضخمة لتجميع مياه الأنهار في العالم هي مناطق مشتركة بين بلدين أو أكثر، فمن المحتمل أن تزداد التوترات الإقليمية بين الدول نتيجة لتغير المناخ.
ولا شك في أن توافر المياه أمر حيوي بالنسبة إلى الزراعة ولا سيما في المناطق التي تعتمد عليها كمورد للرزق. وفي حين أن من المنتظر أن يبقى إنتاج العالم الكلي من الحبوب على ما هو عليه تقريبا في السيناريو الذي تبلغ فيه كمية ثنائي أكسيد الكربون في الجو ضعف ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، فإن من المحتمل أن يتغير التوزع الإقليمي لإنتاج الحبوب. وجفاف التربة نتيجة لزيادة التبخر والنتح من شأنه أن يزيد من انجرافها، وهو أثر غير عكوس من آثار تغير المناخ. كما أن ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي أيضا إلى انتشار الأعشاب الضارة والآفات.
ومع أنه من غير المحتمل أن يتأثر إنتاج المحاصيل في العالم نتيجة لتضاعف تركيزات ثنائي أكسيد الكربون في الجو عن المستوى الذي كانت عليه قبل الثورة الصناعية، إلا أن التوزع الإقليمي للمحاصيل قد يتغير كثيرا، فعلى سبيل المثال توحي دراسات غلال الأرز في الصين بحدوث نقص يراوح بين نحو 10 في المئة و30 في المئة. أما في جمهورية كوريا فإن كمية الغلال قد تراوح بين نقص مقداره نحو 20 في المئة وزيادة تربو على 10 في المئة، وذلك اعتمادا على سيناريوهات المناخ والمؤثرات الجغرافية. كما تظهر الدراسات المتعلقة بتأثير التغير المناخي في إنتاج المحاصيل في العالم أن غلة القمح في الأرجنتين سوف تتراجع، في حين أنها ستحقق زيادة كبيرة في أستراليا (تصل إلى 65 في المئة في بعض المناطق).
الحِراجة
النظام البيئي للغابات حساس بشكل خاص لمسألة المياه سواء بالنسبة إلى ندرتها أو إلى زيادتها زيادة مفرطة. وفي سيناريو تضاعف كمية ثنائي أكسيد الكربون في الجو ستحدث تغيرات رئيسية في أنماط الكساء الخضري في نحو ثلث مناطق الغابات في العالم. وسيحدث التغير الأكبر في مساحة المناطق الغابية أو في نوعية نباتاتها في مناطق العروض (خطوط العرض) العليا، مما سيكون له مضاعفات كبيرة على التنوع الأحيائي.
وسوف تنزاح المناطق المناخية نحو 150 كيلومترا نحو القطبين و/أو 150 مترا إلى الأعلى، وذلك مقابل كل درجة سيلزية تزدادها درجة الحرارة. وبالنسبة إلى السيناريوهات التي تتوقع زيادة في الحرارة تراوح بين درجة واحدة و3.5 درجة سيلزية نتيجة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإنها قد تعني تقدما للمناطق المناخية نحو القطبين يراوح بين 150 و550 كيلومترا و/أو ارتفاعا إلى الأعلى يراوح ما بين 150 و550 مترا. وتشير الدراسات إلى أن معدل هجرة أنواع الأشجار في الماضي كان يراوح بين 4 و200 كيلومتر في القرن الواحد حسب النوع. وهكذا فإنه في عالم أكثر دفئا قد تختفي غابات بأكملها عن وجه الأرض أو قد تظهر نظم بيئية جديدة.
وحتى لو افترضنا استهلاكا ثابتا من الخشب لكل فرد، فإن من المتوقع أن يتجاوز الطلب السنوي على الأخشاب الزيادة السنوية الحالية التي هي بمعدل 2 في المئة حتى عام 2050. ولسوف تساعد تأثيرات التسميد بالكربون على زيادة التشجير في حين يقلل التشجير اختفاء الغابات.
التأثيرات الأخرى للتغير المناخي في التطور الاجتماعي
الاقتصادي المناخ والكوارث الطبيعية
بإمكان تغير بسيط في المناخ العادي والوسطي أو في التقلبية المناخية أن يؤدي إلى تغيرات كبيرة في شدة و/أو تواتر حالات الطقس العنيف والكوارث الطبيعية. ومع أنه ليس هناك حتى الآن دليل علمي محدد على احتمال حدوث تغيرات في العواصف أو الأعاصير المدارية في مناطق خطوط العرض المتوسطة إذا ما ازدادت تركيزات ثنائي أكسيد الكربون في الجو، إلا أنه من الجدير بالملاحظة أن الخسائر التي يُمنى بها العالم نتيجة للكوارث المرتبطة بتغير المناخ قد ازدادت نحو ثلاثة أضعاف الزيادة في معدل الكوارث التي سببتها الهزات الأرضية في السنوات الأخيرة.
ما الذي نستطيع أن نفعله حيال التغير المناخي؟
لقد أبرز مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية (UNCED)، الذي عقد عام 1992 في ريودي جانيرو بالبرازيل، حقيقة أن حماية الغلاف الجوي هو مسعى واسع النطاق ومتعدد الأبعاد يشمل قطاعات مختلفة من الأنشطة الاقتصادية. وأوصى المؤتمر بأن على البشر أن يسعوا إلى الحصول على احتياجاتهم المستقبلية من الطاقة والطعام والمياه من دون أن يؤثر ذلك في المناخ تأثيرا خطيرا، وهذا يعني أن عليهم أن يطوروا استراتيجيات من شأنها أن تلبي احتياجاتهم الحالية والمستقبلية من الطاقة والطعام من دون أن يتسبب ذلك في زيادة مستمرة في غازات الاحتباس الحراري في الجو. ومثل هذه الاستراتيجيات يمكن أن تشتمل على ما يلي:
a ـ ترويج الممارسات الاجتماعية والاقتصادية التي ليس من شأنها أن تسبب مزيدا من الأذى للبيئة، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى التقليل من أو عكس الاتجاهات نحو الأسوأ التي ينحدر إليها المناخ، ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية إطار الأمم المتحدة حول التغير المناخي (UNFCCC) وپروتوكول كيوتو الملحق بها، واتفاقية الأمم المتحدة حول التنوع الأحيائي (UNCB)، واتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمحاربة التصحر (UNCCD)، والاتفاقية الخاصة بحماية طبقة الأوزون. ويدعو پروتوكول كيوتو الدول المتقدمة بشكل خاص إلى العمل على تخفيض إطلاقها لستة من غازات الاحتباس الحراري الرئيسية بنسبة لا تقل عن 5 في المئة عن المستوى الذي كانت عليه عام 1990، وذلك بين عامي 2008 و2012.
b ـ اعتماد استراتيجيات فعالة وصديقة للبيئة في عمليات التطوير الاقتصادي، بما في ذلك زيادة الاعتماد على المصادر النظيفة والمتجددة لتوليد الطاقة مثل الرياح والأشعة الشمسية والطاقة المائية التي قد تقلل من انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
c ـ استخدام استراتيجيات من شأنها تلبية احتياجات العالم من الطعام والتقليل من تلويث مصادر المياه العذبة بفعل الأنشطة الزراعية، والحفاظ على الغابات باعتبارها ممتصا حيويا لغاز ثنائي أكسيد الكربون. ولما كان من المنتظر أن يزداد عدد سكان العالم من عددهم الحالي، وهو ستة بلايين نسمة، إلى ثمانية بلايين بحلول عام 2025 و10 بلايين بحلول عام 2050، فسيكون هناك ضغط هائل على الأراضي الصالحة للزراعة وعلى إنتاج الطعام.
d ـ الحاجة إلى تحسين وسائل جمع المعلومات الخاصة بمصادر الطاقة ونشر هذه المعلومات وتطبيقها ورفع مستوى الوعي والفهم لدى الجمهور وأصحاب القرار للأخطار المحتملة للتغير المناخي وإلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتصدي لهذه الأخطار. وفي هذا الصدد هناك دور حاسم منوط بالمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.
e ـ الحاجة إلى مراقبة التعقيدات التي يمكن أن تُعزى إلى سيرورات التغير المناخي وفهمها وتحريها والتنبؤ بها.
كيف تتصدى منظمة الأرصاد الجوية العالمية
لمسألة التغير المناخي؟
يعود تاريخ الجهود المنسقة دوليا حول قضايا المناخ بما فيها التغير المناخي إلى القسم الأخير من القرن التاسع عشر. وقد شاركت في هذه الجهود المنظمة التي سبقت منظمة الأرصاد الجوية العالمية WMO، وهي المنظمة الدولية للأرصاد الجوية IMO التي تأسست عام 1873. ففي عام 1926 أنشأت المنظمة IMO لجنة لعلوم المناخ تضم عددا من الخبراء لدراسة مناخ الكرة الأرضية. وتقوم المنظمة WMO حاليا، باعتبارها وكالة متخصصة من وكالات الأمم المتحدة، بتنسيق التعاون الدولي في مجال الأرصاد الجوية والهدرولوجيا والعلوم المساندة، مما أسفر عن تحقيق معلومات علمية موثوق بها حول المناخ وتقلبيته وتغيّره. وفي واقع الأمر أصدرت المنظمة WMO أول بيان رئيسي لها حول التغير المناخي عام 1976، وعملت من ثم على عقد مؤتمرين عالميين حول المناخ عامي 1979 و1990. كما أنشأت المنظمة WMO برنامج المناخ العالمي WCP في عام 1979، وأنشأت بالتعاون مع UNEP الفريق الدولي الحكومي المعني بتغير المناخ IPCC عام 1988 لمتابعة تقييم النواحي العلمية للتغير المناخي، بما فيها آثاره والتكيف معه والتخفيف من أضراره وتحديد أبعاده الاقتصادية والاجتماعية.
وقد وجهت المنظمة WMO جهدا رئيسيا نحو تعزيز المراقبات والأبحاث الخاصة بتحسين فهمنا لجميع مكونات وعناصر نظام المناخ العالمي من أجل الحد من الارتياب الذي يكتنف التنبؤات المناخية. وتشمل الجهود الأخرى لهذه المنظمة المساعدة على تطبيق المعلومات عن المناخ وتقديم الخدمات الداعمة لتطور اجتماعي واقتصادي مستدام. كما أنشأت برنامج «مراقبة الغلاف الجوي» GAW لمراقبة تراكم كميات غازات الاحتباس الحراري في الجو. وللبرنامج حاليا 350 محطة موزّعة حول العالم تصدر معلومات دورية عن غازات الاحتباس الحراري وعن الأوزون وغيرها من ملوثات الغلاف الجوي. إضافة إلى ذلك أنشأت المنظمة WMO بالتعاون مع شركاء آخرين هيئة سميت «منظومة مراقبة المناخ العالمي» GCOS، كما تقوم بدعم هيئات متعددة منها: منظومة مراقبة المحيطات (GOOS) ومنظومة مراقبة الدورة المائية العالمية (WHYCOS) ومنظومة المراقبة الأرضية العالمية (GTOS). وتواصل المنظمة WMO عملية التزويد بمعايير وتطبيقات تعتبر حيوية في مجال نظم قياس الرصد الجوي والهدرولوجي، والدراسات المتعلقة بالتغير المناخي وتقييم تأثيراته. كما تقوم المنظمة بتقديم الدعم العلمي والتقاني للفريق الدولي الحكومي المعني بتغير المناخ (IPCC)، وللجهاز المتفرع عن الاتفاقية UNFCCC، المسمى «الهيئة الفرعية لتقديم النصح العلمي والتقني» SBSTA. وهناك مشروعات للمنظمة تُجرى حاليا لاستبيان التغير المناخي وتحديد أسبابه.
وستواصل المنظمة WMO العمل على تعزيز التعاون الدولي في حقل الأبحاث الخاصة بالنظام المناخي في نطاق برنامج أبحاث المناخ العالمي WCRP. ولديها برامج أخرى لبناء القدرات التقنية المناسبة ونقلها إلى البلدان النامية من أجل دعم جهودها في الحصول على تقنيات حديثة وصديقة للبيئة تلبية لاحتياجاتها في مجال التطور الاجتماعي والاقتصادي ومواجهة ما يرافق ذلك من تحديات مناخية على النطاق المحلي، بما في ذلك مراقبة الأحوال الجوية والهدرولوجية المتطرفة والتنبؤ بها، مثل الأعاصير المدارية والزوابع والفيضانات والجفاف. وقد أنشأت المنظمة WMO مركز خدمات المعلومات والتنبؤات المناخية (CLIPS) لتعزيز تطبيق خدمات المعلومات الخاصة بالمناخ والتنبؤ بتغيراته.
ما الذي ينبغي للبلدان النامية أن تفعله؟
بهدف تمكين البلدان النامية من التصدي بفعالية لأخطار التغير المناخي المحتملة فإنه من الضروري تقوية خدماتها في مجال الرصد الجوي والهدرولوجي وتعزيز المراكز الوطنية الأكاديمية والبحثية ومراكز رسم السياسات. وهناك حاجة بشكل خاص إلى ما يلي:
a ـ تحسين شبكة الأرصاد الجوية والهدرولوجية والإسهام في تقوية منظومة مراقبة المناخ العالمي.
b ـ تقوية أو تحديث التسهيلات الخاصة بتحليل المعلومات وتلك الخاصة بالاتصالات، لكي تتمكن الجهات المسؤولة عن الخدمات الوطنية للأرصاد الجوية والهدرولوجية NMHSs من تبادل المعلومات وتلقي التنبؤات من مراكز الرصد الجوي الإقليمية والعالمية المتخصصة وتحليلها.
c ـ تعزيز القدرات البحثية والتقانية للعاملين في مجالي المناخ والرصد الجوي بغية تمكينهم من تحليل المعلومات المتعلقة بالتغير المناخي تحليلا مناسبا، وشرحها وتعميمها على الجمهور والمسؤولين في الوقت المناسب.
d ـ تعزيز قدرات العاملين في مجالي المناخ والرصد الجوي على الإسهام في تثقيف الجمهور وزيادة وعيه.
e ـ تحسين قدرات العاملين في مجالي المناخ والرصد الجوي على اتخاذ المبادرات على المستوى الوطني في القضايا المتعلقة بالتغير المناخي؛ بغية ضمان وصول المعلومات العلمية المناسبة إلى الجهات المسؤولة عن رسم السياسات واتخاذ القرارات. وهذا الأمر ضروري من أجل أن تتمكن البلدان النامية من تطوير سياسات مناسبة والإسهام بفعالية في المفاوضات الخاصة بالقضايا المتعلقة بالتغير المناخي.
f ـ التعاون مع الجهات المعنية بالخدمات الوطنية للأرصاد الجوية والهدرولوجية وغيرها من المؤسسات ذات الصلة من أجل تبادل الخبرات في التعامل مع مشكلات التغير المناخي.
وبشكل خاص، يجب على الهيئات الأكاديمية أن تتعاون أيضا بشكل وثيق فيما بينها ومع الجهات المسؤولة عن الخدمات الوطنية للأرصاد الجوية والهدرولوجية، على المستويات الوطنية والدولية في القضايا التالية:
a ـ ترقية الأبحاث المتعددة التخصصات، والتي من شأنها أن توضح بشكل لا لبس فيه السيرورات التي أدت إلى التغيرات المناخية السابقة والحالية وتطوير القدرات على التنبؤ بأنماط المناخ المستقبلية.
b ـ تعزيز الأبحاث الخاصة بتشخيص المناخ والنهوض بالقدرات على النمذجة modelling المناخية، ولا سيما ما يتعلق منها بالتنبؤ بالتغيرات في التقلبية المناخية على المستويين المحلي والإقليمي.
c ـ ترقية تنسيق قوي بين الأنشطة العلمية في حقل المناخ على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وتطوير الجهود الرامية إلى تقليل الازدواجية في هذا المجال.
d ـ لما كان العلم يمارس من قبل قلة من المحترفين المتخصصين، فيجب إعادة تقييم الأدوار الخاصة بكل من الجامعات والمراكز البحثية والتطبيقية والجماعة المستخدمة لدراسات تغير المناخ، لأن التحديات البحثية الحالية والمستقبلية في هذا المجال ذات طبيعة متعددة التخصصات.
--------------------------------------
الاستثمار الاجنبي المباشر في الجزائر
كما تعتبر الدول المضيفة الدول الاكثر استفادة من الاستثمارات الاجنبية بشكل متزايد و متقاطع على عكس البلدان النامية التي لاتحصد إلا الجزء الضئيل من تلك الاستثمارات و المتميز بالتناقض المستمر و التذبذب
انطلاقا من هذا المنظور سعت الجزائر في كل مرة الى تغيير القوانين الخاصة بالاستثمار و جعلها اكثر ملائمة مع الظروف الراهنة . سواء كانت سياسية او اقتصادية حيث تم اشاء وكالة ترقية و تدعيم و متابعة الاستثمارات APSI ثم عوضتها بالوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ANDI و التي ساهمت بشكل كبير في دفع عجلة الاستثمار نحو الامام .
ان الاستثمار الاجنبي المباشر كظاهرة حالية يعمل على الرقي و الاستمرارية و ذلك ان الاستثمار في الموارد الطبيعية الاولية مثلا . بحري منذ زمن بعيد على المستوى عالمي ثم ان الاستهتار بقيمة الحدود شرع ينتشر بصورة واسعة خاصة في اوروبا الغربية و عبر المحيط الاطلسي . اضافة الى كون ان اقامة الاقتصاديات القومية . الاسواق المشتركة في اوروبا و أمريكا اللاتينية ...الخ
ضاعف من عدد المشاريع و الاتفاقات الدولية كما ادى ذلك الى ظهور طرق جديدة لتكثير الاستثمارات الاجنبية para – investissement كبيوع المصانع بالتقسيط بين بلدان الشرق و الغرب.
ما سبق ذكره نجد ان الاستثمار الاجنبي المباشر لا يؤثر في كل الاحوال بالسلب على اقتصاد البلد المضيف . بل هناك تعايشا بين الايجابيات و السلبيات الشيء الذي يضطرنا للبحث عن استراتجية جديدة تهدف ال جلب الاستثمار الاجنبي اكثر فاكثر لان تباطؤ معدلات رؤوس الاموال في الاستثمار في الدول النامية ندفع بالمستثمرين الاجانب الى تحويل فروعهم نحو البلدان المتقدمة و ذلك من اجل المحافظة على معدلات ارباح مرتفعة .
ان كل شيىء في الوقت الحالي يدفع بالتوجه نو الاستثمار الاجنبي المباشر نظرا للوعي المتزايد لشعوب و حكومات الدول المضيفة . و كذا نزعتها الى تحقيق التنمية الاقتصادية و لرفاهية في العيش و طموحات في غد افضل.
استنتاجات :
من خلال العمل المقدم توصلنا الى استخلاص النتائج التالية :
• لا يمكن اعتبار أي استثمار مباشرا الا بتحقيق الشروط التالية : المشاركة في اخذ القرار . التسير و المراقبة الى جانب مجموعة من العوامل الاخرى كالتكنولوجيا و لاراس االمال و تقنيات الانتاج و اضافة الى الادارة الحديثة
• اعتبار الشركات المتعددة الجنسيات احدى اشكال الاستثمار الاجنبي المباشر و التي عملت على توسيع الاطار العام لهذا الاستثمار
• تفضيل الاستثمار الاجنبي المباشر على التصدير عود للظروف الملائمة لذلك و خدمة مصالح الطرفين
• يعتبر تشجيع الاستثمار الاجنب وجها بارزا من اوجه سياسة الانفتاح الاقتصاد كان مغلقا و من ثمة تكليفه المحكم مع التحولات الاقتصادية العالمية
• حتمية ايجاد نظام معلومات واسع ىحول الاستثمار الاجنبي خاصة المباشر منه . و دراسة الضمانات و الامتيازات الفعالة المشجعة للمستثمرين الاجانب فعلا في الاقدام على الاستثمار في ظروف ملائمة خاصة فيها الجزائر
• الاستثمار الاجنبي المباشر باعتباره وجه من اوجه حركة رؤوس الاموال عل المدى الطويل هو بمثابة ميكانيزم اساس تستخدم الدول الصناعيةالكبرى لاختراق الاسواق الاجنبية و من تم احتكارها و بالتالي التحكم في اقتصاديات الدول النامية
• تعتبر الجزائر من بين الدول النامية التي استطاعت تغير موقفها اتجاه الاستثمار الاجنبي المباشر . فبعدما كانت تتميز بالموقف المتشدد و المقيد الذي يعارض كل محاولة او كل ارادة لتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر. و هي تسعى حاليا الى ايجاد السبل الكفيلة باجتذابه و تشجيعه.
• لم تتبنى الجزائر الاستثمار الاجنبي المباشر راضية بل مجبرة كنتيجة حتمية لعجز القطاع العام و ضمان النمو الدائم بالاضافة الى ظهور ازمات عديدة كاشتداد القيد المالي الخارجي
• الاستثمار الاجنبي المباشر طريق لا محال منه و احد محطاته الكبرى هي العولمة . فهل هي
• حتمية على الجزائر ام يمكن تفاديها . و كيف يمكن الاستفادة منها.
توصيات :
انطلاقا من دراستنا لموضوع الاستثمار الاجنبي المباشر و النتائج المستخلصة يمكن ابداء الراي و الحث على التوصيات التالية :
• يجب على حكومات الدول النامية ان تغير التوازن للتوجه الحيادي للاستثمار في المجال النفطي و على ان يشمل القطاعات المنتجة الاخرى خاصة الفلاحة و السياحة
• وضع الرقابة الدورية على وكالات دعم الاستثمار و الطرق المتبعة في قبول او رفض المشاريع و المصادقة عليها من جهة و تحسين الأداء المصرفي خاصة البنوك التي تحمل عبىء التمويل
• متابعة المستثمر المحلي في تدعيم مشروعه ماديا و ماليا مع تقديم دراسات اولية و نهائية يراد تنفيذها و الحد من العراقيل التي تبطا في استمرارية او توسيع المشروع
• امكانية انشاء وكالة تابعة لوكالة تطوير الاستثمار و مهمتها دراسة سبل تطوير المناطق و الاسواق الحرة و هي من طموحات الجزائر في 2010و التي يمكنها التماشي مع امكانية دخول الجزائر الى المنظمة العالمية للتجارة
• الاستغلال قدر الامكان من تطبيق القوانين المتنعلقة بالاستثمار في الجزائر باعتبارها احسن القوانين على المستوى العربي
• وجوب اعداد الندوات و الملتقيات الاقتصادية و نشرها حتى يتسنى للفرد الجزائري فهم ما يحيط به من شبح العولمة الاقتصادية
• التامين الدولي على الاستثمار الاجنبي المباشر من حيث انتقال رؤوس الاموال و عوائد هذا الاخير .
• التعجيل في تطوير و عصرنة المصارف تماشيا مع زيادة حركة رؤوس ااموال تدفقا على الدول النامية خاصة منها الجزائر .
• تحسن اداء بورصة الجزائر و دورها في تداول اوراق مالية مما يوسع من حجم الاستثمار الاجنبي غير المباشر ( الاستثمار المحفظي).
-------------------------------------
الآليات الاجتماعية لتفشي ظاهرة الفقر في الجزائر
مقدمة:
أضحى الفقر واحدا من المشكلات العالمية العويصة التي ما فتئت تتزايد وتتوسع مع مرور الزمن مساحة وعمقا ،حيث يوجد على الصعيد العالمي ما يزيد على1.5مليار من الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم أغلبهم في البلدان النامية ،مما يجعل الفجوة بين أغنياء العالم وفقرائه في اتساع متزايد، ،وتكاد أغلب التوقعات تلتقي حول اعتبار ظاهرة الفقر من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في العصر الراهن،لاسيما وأن الجهود التي بذلتها بلدان العالم الثالث قصد تحقيق التنمية لم تحقق نتائج ملموسة،مما عمق من تفشي ظاهرة الفقر وتنامي عدد الفقراء،حيث تشير تقارير التنمية البشرية أن ما يزيد على ثلث السكان في البلدان النامية يعيشون في فقر مدقع. وتعد الجزائر واحدة من دول الجنوب التي تعاني من مشكلة تنامي أعداد الفقراء على الرغم من توفرها على كل الشروط المادية والبشرية لإحداث نهضة تنموية شاملة تستأصل شأفة الفقر ،مما يجعل من ظاهرة الفقر تقفز إلى صدارة الأولويات في برامج الدول والحكومات الطامحة إلى تحقيق تنمية مستدامة تكفل حدا محترما من الحياة الكريمة لأبناء المجتمع،مما يستدعي البحث العلمي الموضوعي في الأسباب المساهمة في استفحال الظاهرة ،ووضع الآليات العملية الكفيلة باستئصال هذا الورم الخبيث من الجسد الاجتماعي.
1- معنى الفقر:
عرف مفهوم الفقر الكثير من التقاطعات بين الباحثين،وهذا راجع لتنوع المنطلقات النظرية للدارسين لهذه الظاهرة،واختلاف السياقات الحضارية التي يظهر فيها الفقراء.
ويذهب "رويرت مكنمارا" إلى أن الفقر هو تلك الأحوال المعيشية التي تتكون نتيجة سوء التغذية والجهل والمرض وارتفاع وفيات الأطفال وقصر العمر الافتراضي،مما يجعلها أدنى من المستوى المعهود للحياة اللائقة(1).في حين يرى "مارك فريد" أن الفقر باعتباره حالة واقعية وليست وحدة تصورية،يمثل مجموعة من المشكلات غير المترابطة مثل تفشي البطالة، والبطالة المقنعة، واللامساواة في الرفاهية، والهجرة وتفاوت الخدمات في البيئة الحضرية،وتدهور البيئة الريفية،أي أن الفقر يعد واقعا اجتماعيا يتطلب التفسير.بينما ذهب بعض الباحثين إلى أن الفقراء هم الذين صنفهم المجتمع في عداد الفقراء،والذين صدرت من المجتمع ردود فعل معينة تجاههم،أي أن ظاهرة الفقر تمثل حالة يعترف بها المجتمع كحالة واقعية بها وضع معين،وأنه أحد ملامح البيئة الاجتماعية(2).
ومن وجهة نظر سوسيولوجية يُعرف الفقراء بأنهم من يحصلون من المجتمع على مساعدة اجتماعية . فالفقر يجب أن ينظر إليه على أنه «حالة يعجز فيها الإنسان بسبب مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية عن تلبية حاجاته المادية والمعنوية في ظل نظام اجتماعي وثقافي محدد».
وعلى ضوء التعريفات السابقة الذكر فهناك تحليلات كمية(إحصاءات منشورة ،مسوح بالعينة) ،وأخرى كيفية للفقر(ترسم صورة الفقر كتجربة معاشة من خلال عينات صغيرة أو دراسات حالة).وقد وضع تقرير التنمية البشرية الصادر في سنة 1998دليلا للأبعاد التي يمكن قياسها للتعرف على حالة الفقر في مجتمع معين،وأهم هذه الأبعاد هي:
1- الحرمان ن البقاء على قيد الحياة،مقيسا بالنسبة المئوية للسكان الذين يرجح أن يموتوا قبل سن الستين.
2- الحرمان من المعرفة،مقيسا بالنسبة المئوية للسكان الأميين الذين يفتقرون إلى القدرة على القراءة والكتابة بدرجة تكفي لتلبية أبسط مطالب المجتمع الحديث.
3- الحرمان من إشباع الحاجات الاقتصادية مقيسا بنسبة لسكان الذين يقل دخلهم الشخصي الذي يمكنهم التصرف فيه عن 50 % من الدخل الوسيط،مما يتركهم عاجزين هن تحقيق مستوى المعيشة اللازم لتجنب الشدائد والمشاركة في حياة المجتمع.
4- الاستبعاد الاجتماعي،مقيسا بأحد أهم جوانبه وهو النسبة المئوية للعاطلين عن العمل لمدة طويلة(3).
فالفقراء وفق هذه الرؤية هو ذلك الذي تعوزهم ظروفهم المادية عن توفير الصحة والغذاء الملائم،ويحرمون من تلقي الحد الأدنى المعرفة،بفعل ضعف الدخل أو انعدامه.
2- عوامل تفشي ظاهرة الفقر
1- تدني المستوى التعليمي :
أصبح من المعترف به لدى الجميع اليوم ،أن المشكلات والقضايا التربوية والثقافية(كمحو الأمية وإنشاء وترقية الأنظمة الوطنية للتعليم وبلوغ وضع جديد كيفيا للثقافة) لبلد ما من البلدان تؤثر وتشارك في مجال التحولات الاقتصادية والاجتماعية.وليس من قبيل الصدفة أن نلاحظ العلاقة الجدلية بين الجوع والأمية والتخلف الاقتصادي.ولابد هنا من أخذ مفهوم التربية أو التعليم في علاقته بالتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية...إن العمل على التنشئة الذهنية والأخلاقية للأجيال الجديدة لم يعد الهدف الوحيد للتربية،بل إن التربية وبخاصة التعليم هو من العوامل الأساسية للتقدم التقني والاقتصادي والاجتماعي(4). وتعلمنا دروس التاريخ أن الانتكاسات الحضارية والتاريخية التي مُنيتْ وما زالت ترسف تحتها الأمة العربية، تعود في أغلبها إن لم تكن كلها إلى حالة التخلف والجهل والتبعية التي تقف كشاهد عيان على فشل تلك المشاريع الفكرية العربية.
2- البطالة:
على الرغم من نُدرة الاحصاءات الحديثة والمنظمة عن معدلات البطالة في الدول العربية،وعدم تطابق أو اتفاق ما هو متاح منها،إلا أنها تعبر بشكل عام عن ضخامة ظاهرة البطالة،خاصة بين الشباب.فمعدل البطالة الكلية الحالية للقوى العاملة العربية يتراوح مابين حوالي11.5% أو ما يقرب من عشرة ملايين نسمة وفق تقديرات التقدير الاقتصادي العربي الموحد(الأمانة العامة 1999)،ونحو14% أو حوالي12.5مليون عاطل عن العمل وفق وقائع مؤتمر العمل العربي،لمنظمة العمل العربية عام2000.وتُعتبر هذه من أعلى معدلات البطالة في العالم.ومن الطبيعي أن تتباين معدلات البطالة مابين الدول العربية منفردة،فمثلا يصل المعدل إلى حوالي20 % في كل من الجزائر والأردن واليمن ولبنان(الأمانة العامة ،1999).
وقد جاء في تقرير البنك الدولي أن هناك ما يزيد على 15 مليون بطال عربي،أي ما يعادل من 15-25 % من قوة العمل العربية،ويتوقع أن يتضخم هذا الرقم الى25 مليون في آفاق سنة2010،
وتُشير وقائع مؤتمر العمل العربي لمنظمة العمل العربية،في عام 2000،إلى أن غالبية العاطلين عن العمل من الشباب،حيث تزيد نسبتهم إلى إجمالي العاطلين عن الثلثين في كل من مصر والجزائر...أما معدلات البطالة بين الشباب الخريجين نسبة إلى القوى العاملة الشابة(فئة العمر من15-24)،فقد تجاوزت40 % في كل من تونس والمغرب والجزائر.،وتُشير بيانات منظمة العمل العربية إلى أن ظاهرة بطالة حملة الشهادات التعليمية قد استفحلت في العديد من الدول العربية،حيث بلغت معدلات بطالة هذه الفئة إلى معدلات بطالة الأميين،ثلاثة أضعاف في الجزائر.
وهذا إن دل على شيء إنما يدل أن معدلات البطالة في أوساط الشرائح الشابة من المجتمع مرتفعة ،وتتجاوز المقاييس والمعدلات العالمية.ولاشك أن تفاقم هذه الظاهرة في المجتمع يُفرز جملة من الآثار والانعكاسات الاجتماعية.فهي قد تؤدي تدريجيا إلى سلسلة من الحالات المختلفة،أي من البطالة إلى الإقصاء ومن الإقصاء إلى التهميش،ومن التهميش إلى الجنوح،كما أنها تزيد من حدة الفوارق الاجتماعية والشعور بعدم المساواة بين أفراد المجتمع...وهكذا يصاحب البطالة نوع من الضعف وعدم استقرارية أشكال الاندماج،فهي تعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي،واضعاف العلاقة بين الأفراد والمجتمع،حيث تجد فئة من المجتمع نفسها ملقاة على هامش المجتمع ولا تتمتع بنفس الامتيازات التي تكتسبها فئات أخرى،فانقسام المجتمع إلى طبقتين،طبقة مستقرة في عمل ثابت وأخرى محرومة من هذا النوع من العمل يؤدي إلى تلاشي التماسك الاجتماعي والشعور بالنقص،فالعمل لا يمثل مصدرا للدخل فحسب بل هو وسيلة لاكتساب دور ومكانة في المجتمع.
3-التوزيع غير العادل للثروات الوطنية:
"العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء" هكذا وصف الرئيس الجنوب أفريقي "مبيكي" السنة الماضية في مؤتمر الأرض بجوهانسبرغ معضلة الفقر التي تزداد يوما بعد يوم رغم التقدم الذي أحرزته البشرية في شتى المجالات، ورغم جني الكثير من خيرات الكوكب التي يُجمع الخبراء على أنها كافية لتقديم الرفاهية للستة مليارات من البشر الذين يعيشون فوقه لو تم توزيعها بالحد الأدنى من العدالة.إذ تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين،وفي ذلك بيان على أن الفقر في حقيقة الأمر هو الوجهة الأخرى لصور التمايز الاجتماعي واللامساواة وانعدام العدالة التي هي السبب الأساسي الذي ظل وما زال يهدد الحياة البشرية والحضارات الإنسانية سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات والدول والمجتمعات والتمايز الاجتماعي واللامساواة.
ولا يخلو المجتمع الجزائري من تفشي مظاهر التمايز الاجتماعي الفاحش أحيانا،الذي ينعكس سلبا على التماسك الاجتماعي فهذه الازدواجية في المجتمع الجزائري تنمي الشعور باللامساواةعند الفئة المحرومة من العمل الثابت،كما أنها تؤدي إلى استقرار شعور بالانتماء في النسيج الاجتماعي والى زيادة ظاهرة الإقصاء والافقارعند هذه الفئات والتي تؤدي حتما إلى تفاقم الهامشية أو أكثر إلى الإدمان والجنوح(6).
فعلى الرغم من أن الوضعية المالية للدولة الجزائرية مريحة في السنوات الأخيرة ،حيث شهدت أسعار البترول ارتفاعات متواترة،إلا أن جيوب الفقر ما فتئت تتنامى في المجتمع،فالرخاء المالي لم يتجسد ميدانيا،ولم تلمس العديد من الفئات في المجتمع الجزائري مثل هذا التحسن على مستوى الجبهة الاجتماعية،وهوما يعمق من حدة الفوارق الاجتماعية على الرغم من أن الجزائر سجلت خلال السنوات الأربع الماضية أعلى مدا خيل لها،تراوحت بين 18 و31 مليار دولار،وأن نسبة زيادة السكان ونسبة الخصوبة عرفت تراجعا كبيرا خلال الخمس سنوات الماضية،إذ لا تتجاوز حاليا نسبة1.5% مقابل3 % منتصف التسعينات.ومع ذلك تبقى الزيادات الطفيفة المسجلة في كتلة الأجور بعيدة عن الوفاء باحتياجات المواطن الجزائري البسيط الذي ما فتئ يستيقظ على وقع زيادات في أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية،يحدث هذا في الوقت الذي تسجل فيه مدا خيل الدولة أرقام قياسية في الارتفاع لاسيما مع الطفرة التي شهدتها أسعار البترول،غير أن ذلك لم ينعكس على واقع معيشة المواطن الجزائري الذي لاتزال قدرته الشرائية ضعيفة.
4-الفساد والبيروقراطية:
بسبب البطء في التصرف،وتعقيد الإجراءات،وعدم الاكتراث بمصالح المجتمع والمواطنين،فالتعفن الإداري المثقل بموروثات البيروقراطية يُساهم في تعطيل مشاريع النهضة الاقتصادية المنشودة؛وقد رصد تقرير الفساد لعام 2005 الذ ي يصدر عن منظمة الشفافية العالمية،أربعه جوانب يؤثر فيها الفساد بدرجة كبيرة جدا على البنية التحتية،ومن ثمة على تكلفة الخدمات بالنسبة للفقراء من خلال رفعه لتكلفة رأس المال،تتمثل في أن:
1- الفساد يؤخر ويقلص الإنفاق الاستثماري على البنية التحتية على المستوى الكوني،وأن خفضا متواضعا في الفساد سوف يعظم الاستثمارات في الاتصالات.
2- الفساد يقلص النمو الذي يتم تخليقه عبر الإنفاق على الاستثمارات في البنية التحتية.
3- الفساد يرفع تكلفة تشغيل المستوى المتوافر من خدمات البنية التحتية.
4- الفساد يقلل نوعية ومستوى البنية التحتية،ويقلص القدرة على الاستفادة منها خصوصا بالنسبة للفقراء.
فالفساد يؤذي الفقراء بشكل غير مباشر لأنه يعرقل النمو الاقتصادي،ويكرس عدم المساواة،ويلحق الأذى بتوزيع الإنفاق العام،ومن خلال قنوات أخرى عديدة فإنه يقف عائقا أمام تخفيف حدة الفقر.وقد أظهرت الدراسات الأمبريقية أن الفقراء يدفعون نصيبا من دخولهم على الرشاوى أكثر من الأغنياء،ويعتمدون على الخدمات العامة اكثر من الأغنياء(7).وعلى سبيل المثال يتطلب حل مشكلة البطالة توفير75 مل دولار،فيما تهدرمن300-400مل دولار بسبب الفساد المستشري بكثرة في العالم العربي.
وتتشابه ظروف الفساد وعلاقة الفساد بالفقر في مختلف الدول العربية،ينشأ الفساد من خلال بيروقراطيات تتنامى جميعها بالتوازي مع طبيعة أنظمة الحكم منها البيروقراطية الملكية ،وبيروقراطية الحزب، وبيروقراطية الدولة،وبيروقراطية العائلة والعشيرة،ويؤدي الاستئثار بالحكم إلى حالة قصوى من الفقر الاجتماعي،يكون نتيجتها عدم استفادة الفقراء من الدعم الحكومي ومن الخدمات،وإجهاض سياسة استهداف الفقراء بالدعم،وهو النهج الذي أكده تقرير التنميةلسنة2004.
3- واقع ظاهرة الفقر في المجتمع الجزائري:
أضحت ظاهرة الفقر تكتسي بعدا عالميا،حيث جاء في تقرير البنك الدولي الصادر عام 2000/2001أن عدد الأفراد الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم قد زادمن1.18مليار عام1987الى1.2 مليار عام1998،أي بزيادة قدرها20 مليون.ويعيش قرابة 60 % من سكان العالم في دول يقل دخل الفرد عن2000 دولار سنويا،في حين يعيش5 % من سكان العالم في بروج عاجية ،وغالبيتهم من الولايات المتحدة الأمريكية(8).وفي ذلك إشارة إلى أن الفقر مازال يشكل واقعا قاسيا في كثير من أنحاء العالم ولاسيما الدول النامية.
وفي الجزائر بلغت نسبة حد الفقر الإجمالي الأدنى حسب التقرير الخامس للمجلس الوطني الاقتصادي الاجتماعي حول التنمية البشرية للسنة2004 ب1.9 % من سكان الجزائر،وحسب تقرير 2004حول الشراكة الأورومتوسطية للمنتدى الأورو متوسطي،فأن نسبة حد الفقر الأدنى وصلت الى2.5% من إجمالي سكان الجزائر(9).
وقد أحصت دراسة جديدة صادرة عن الوكالة الوطنية لتهيئة الإقليم 177بلدية فقيرة تضم1569637 شخص يقل دخله عن 5 آلاف دولار،منها 46 بلدية تعاني الفقر المدقع والإقصاء...محرومة من خدمات الصحة،التربية،الماء ،وقنوات الصرف ،والغاز،إلى جانب انتشار البطالة والأمية والسكن غير اللائق (10). وقد أشار التقرير الأخير للديوان الوطني للإحصائيات إلى تدهور قيمة الإعانات الاجتماعية المقدمة للأسر الجزائرية،والتي تبقى دون المستوى،وذلك رغم تسجيلها لزيادة جد محتشمة،بحيث انتقلت قيمة هذه الإعانات من 375.6 مليار دينار سنة 2004الى 403.5 ملياردينارسنة2005.وإذا قمنا بإسقاط أبسط مؤشرات الفقر على الواقع الجزائري،متمثلة في السعر المتوسط للوجبة الغذائية1500دج،التوازن الطاقوي 2100 حريرة اللازمة للجسم،قيمة الوجبة اليومية للأسرة،فسنجد أن العائلات الجزائرية تبقى فقيرة رغم الزيادات في الأجور.
4-كيف يمكن التخفيف من ظاهرة الفقر؟
لايمكن لقطار التنمية أن يُقلع مالم يكن هناك كوارد بشرية مؤهلة للمشاركة في معركة التنمية،وهذا يقتضي إزالة الفقر وتحقيق التعليم ونشر المعرفة.لأنه لايمكن أن نحلم بعالم متحرر من الفقر إلا باجتثاث أسبابه،مما يقتضي التفكير الجدي في سياسات تنموية تفي بالغرض.
- الرهان الوحيد في هذا العصر هو الإنسان،فهو وقود التنمية ودعامة التطور ،مما يستدعي ضرورة تسليحه بقوة العصر ألا وهي التربية والتعليم ،وإكسابه المهارات الكفيلة بانخراطه الإيجابي في ضمان التنمية المتواصلة والتفوق الحضاري.فتنمية الدول تبدأ بتنمية الإنسان فيها ،وانجح المجالات التي تغري بالاستثمار فيها.
- تخطيط الهيكل التعليمي كي تتلاءم مخرجاته مع متطلبات سوق العمل: يتمثل أحد العوامل الأساسية في انتشار البطالة بين المتعلمين في عدم توجيه الأفراد إلى التخصصات التعليمية التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل. ذلك أن عملية التعليم تمتد لسنوات طويلة، وتتطلب أعباء متنوعة، وتكاليف كثيرة يتحملها الفرد والمجتمع خلال تلك الفترة. وهذه التكاليف يبررها العائد الخاص من وجهة نظر الفرد- الذي يتمثل في الحصول على فرص أفضل للتوظيف والأجر - وكذلك العائد الاجتماعي من وجهة نظر المجتمع- ويتمثل في الارتفاع بإنتاجية العمالة المؤهلة ككل، وتوفير المهارات الوطنية المطلوبة بدلا من استيرادها. غير أن انعدام الربط بين سياستي التعليم والتوظيف قد أدى إلى تراجع عائد التعليم بنوعيه، الأمر الذي أدى بالخريج أن يختار بين أمرين: إما أن يقبل العمل في مجالات بعيدة عن تخصصه أو أن يبقى عاطلا. وهذا يعني انخفاض إنتاجيته أو انعدامها، وبالتالي ضياع الموارد التي خصصت لتعليمه، ومن ثم تختفي مبررات تحمل تكاليف العملية التعليمية من قبل الفرد والمجتمع في آن معا. ولذلك فان التوسع في العملية التعليمية يجب أن يخضع لعملية تخطيط مدروسة تقوم على الربط والتنسيق بين مناهج التعليم واحتياجات المجتمع تجنبا لاهدار الطاقات،أو تعطيلها عن الإسهام الفاعل في النهوض الاجتماعي.
- قيام الدولة بدورها في التصدي لظاهرة البطالة، من خلال تعبئة مواردها الإنتاجية، والاستخدام الفعال للموارد البشرية كمحدد أساسي لقدرة الدولة على النهوض بالأعباء الاجتماعية.إن إقدام الدولة على سلوك من هذا القبيل سوف يُخفف دون شك من حدة الاحتقان الاجتماعي،ويساهم في بث الأمل في نفوس الشباب خاصة باعتبارهم من أكثر الفئات الاجتماعية استهدافا من قبل شبح البطالة،وإشعارهم بأنهم جزء فاعل في النسيج الاجتماعي،مما يجعلهم يوجهون طاقتهم صوب خدمة الشأن العام بدل الانخراط في أنشطة قد تضر بهم وبمجتمعهم.
- التيسير على الشباب للحصول على قروض ميسرة من بنوك التنمية،لاقامة المشروعات الصغيرة المدروسة، مع المتابعة لمراحل تنفيذها.وزيادة فرص التوظيف للخريجين،وتنفيذ برامج أشغال عامة وخدمات على المستوى المحلي.
- دعم جهود الرعاية والتكافل الاجتماعي بالنسبة للفقراء الذين لاقدرة لهم على العمل من خلال استثمار التحويلات المباشرة من نقود وإعانات وخدمات،وكذا الرعاية الاقتصادية من خلال تحسين مستوى الدخل،والتوزيع العادل لثروة المجتمع بين أفراده،واعتبار رأس المال البشري هو الثروة غير الزائلة التي يجب أن يتعهدها المجتمع بالرعاية الصحية والتعليمية من خلال توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتغذية والتعليم والسكن وذلك لتنمية مستوى حياة الأفراد.
-الزكاة إلى جانب كونها تحقق أثرا تعبديا جليلا،فإنها تحقق آثارا اجتماعية واقتصادية ،إذ تُعد من أنجع الحلول التي تقضي على الفقر والبطالة،مما يجعلها استثمار للأمة بأكملها،وتنمية للفقراء وللمجتمع.وبذلك تُعد الزكاة هي إحدى الطرق التي سلكها الإسلام لمكافحة الفقر والقضاء على البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتدعيم التضامن والتكافل الاجتماعي ومنع تكدس الثروة في أيدي القلة لصالح الأمة والمجتمع.
خاتمة:
يعد شبح الفقر من أكثر المشكلات التي باتت تؤرق ساكنة الكرة الأرضية، وقد تضافرت جملة من الظروف والعوامل على المستويين المحلي والعالمي في توسع دائرة الفقراء على الصعيد العالمي،وفي الجزائر تعرض النسيج الاجتماعي إلى ما يشبه الصدمة العنيفة لاسيما بين سنوات 94-2005،وتبرز آثار هذه الصدمة من خلال تفاقم حجم الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي.و يتجه الرأي حالياً إلى أن القضاء على الفقر يتطلب تركيز الجهد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد خدمات الأمان الاجتماعي للنهوض بأوضاع أشد قطاعات السكان ضعفـاً. لأن مسألة محاصرة الفقر ومعالجة مسبباته والتخفيف من آثاره المدمرة ليست فقط حاجة إنسانية ملحة بل صمام أمان اجتماعي.إن قهر شبح الفقر الذي أضحى معضلة عالمية،لن يتأتى إلا بالعلم والعمل والإدارة الفعالة والتسيير الرشيد للموارد المتاحة، مما يقتضي تطوير أداء النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة ،واستنهاض الطاقات المعطلة في المجتمع،وتمكينها من المشاركة في التنمية الاجتماعية الشاملة،التي تحول دون انتشار ظاهرة الفقر وتتيح شروط الحياة الكريمة لكل أبناء المجتمع.
نريدمواضيع العلوم الاسلامية من فضلكم
ردحذف