الإنسان في الشعر الجاهلي في ضوء الدراسات الحديثة
الوصف:
يعد الشعر الجاهلي مادة خصبة لدراسة الإنسان بجوانبه المختلفة في عالمه الخاص والعام، وفي علاقته بالأرض والكون من حوله، وذلك من هلال خطابه الشعري الخاص. وهذه العلاقات التي تتشكل عبر رؤية الإنسان نحو محيطه دفعت هذا البحث إلى النظر في هذا الموروث الشعري نظرات جديدة يكون الإنسان محورا أساسيا فيها. ويتحرك الإنسان الجاهلي إلى أرضه من منطلقات، أساسها حاجاته المادية والروحية، ولما كان الشعر في تلك الفترة، هو الأداة الوحيدة تقريبا للتعبير عن تلك الحاجات فقد غدا مادة أساسية لأي دارس يبحث في منطلقات ذلك الإنسان لاكتشاف عالمه الداخلي والخارجي. وقد جاء البحث موزعا على العوالم المختلفة التي مس الإنسان الجاهلي في معتقده من حيث تشكل رؤيته للحياة والموت، واكتناه العلاقات الفكرية والروحية التي يربطها الإنسان الجاهلي من خلال الشعر، بالأرض، ثم البحث في سلوكه الفردي وعلاقاته الشخصية والقبلية وارتباطه بالمرأة، وتعامله مع المواد والأشياء من حوله، كل ذلك، من أجل الوصول إلى حقيقة تفكير الإنسان الجاهلي، وربطه بحقيقة الإنسان بشكل عام. والوظيفة الأولى للإنسان الجاهلي بعامة، كانت البحث عن حاجاته وربطها بالواقع، حتى إذا ما أعرض عنه الزمان والمكان والعنصر الإنساني، راح يجابه أشياء الطبيعة وحده، أملا في تغيير الواقع المتشظي، واستبداله بواقع يجد فيه ذاته لأن الإنسان الجاهلي، كأي إنسان في الوجود، حاول أن يتعامل مع محيطه من خلال الرؤية الإنسانية الشمولية الهادفة في أساسها إلى السيطرة على الأشياء وتشكيلها خدمة لأغراضه وأهدافه، هذا فضلا عن العلاقات الإنسانية المختلفة التي شكلت المجتمع الجاهلي بكيفية خاصة، وبنسق اجتماعي خاص. ومحاولة سبر أغوار النفس للإنسان الجاهلي، كانت هدفا رئيسا من أهداف هذا البحث، فكان الشعر الذي عد علم أولئك القوم وسيلة متميزة للكشف عما كان يشعر به ذلك الإنسان نحو ذاته وعلاقاته بالآخرين، أو الربط بينه وبين أشياء الطبيعة والأرض للخروج بفلسفة فكرية يتبلور موقف الإنسان الجاهلي منها، وذلك بفحص أنماط التعبير عن تلك النفس البشرية، وربطها بالحاجات الأساسية لذلك الإنسان مادة وروحا، ثم الوقوف بعد ذلك على ...
----------------
-----------------------------