الوجهة الاجتماعية في منهج التحليل اللغوي في الخصائص عند ابن جني
الوصف:
تقوم الدراسة على تبين دور ابن جنى فى التحليل اللغوى من خلال رصد الإشارات و الملاحظات المتفرقة فى كتاب الخصائص التى تشير إلى تنيه ابن جنى و عنايته بالجانب الاجتماعى للغة ، ثم جمع هذه الاشارات و وضعها فى إطار نظرى يشكل نظرية فى الوجهة الاجتماعىية للمنهج اللغوي عند ابن جنى فى ضوء اللسانيات الاجتماعية . و السؤال الذى ستجيب عنه الدراسة : هل التفت ابن جنى إلى البعد الاجتماعى فى وصف العربية و رسم معايير النظام النحوى ؟ ثم ما مدى العمق الذى نفذ إليه فى بيان وجود العلاقة بين النظام اللغوى و المحيط الخارجى للغة ؟ . و تبرز أهمية الدراسة فى مساهمتها فى إحياء أصل من أصول الدرس اللغوى عند العرب من خلال عمل ابن جنى فى الخصائص خاصة . و قد قدمت اابحث بفكرة عامة حول علم اللغة العام من خلال التعريف بالمدارس اللغوية كالبنانية و الوظيفية ثم المدرسة الاجتماعية الانجليزية التى تمثل فيها الاتجاه نحو علم اللغة الاجتماعى . ثم وقفت عند العناوين البارزة فى علم اللغة الاجتماعى و التى ستخدم البحث عند الربط بين علم اللغة الاجتماعى و إشارات ابن جنى لاجتماعية اللغة . و قبل البدء بالتحليل اللغوى الداخلى . قصد ايضاح صورة الفرق بين المنهجين فى التحليل اللغوى من حيث الأصوات و الأبنية و الأعاريب و التراكيب . و ذلك من ىخلال تناول بعض المسائل اللغوية التى وردت فى كتاب الخصائص و عرضها عرضا يبين سبيل ابن جنى و نهجه فى المعالجة الداخلية للغة . مع ايراد بعض الآراء النحوية احيانا لنحاة سبقوا ابن جنى كسيبوبه أو جاءوا بعده كابن مالك و غيره . و لم أعمد إلى الاكثار من الآراء و الأقوال للغويين أو النجاة فى المسألة موضع الشاهد ، فالمسألة اللغوية لم تكن هدفا بحد ذاتها . و ليس فى البغية ترجيح رأى على أخر . و انما كانت العناية متوجهة إلى النهج أو السبيل الذى يسير به ابن جنى بهدف رصد الأشارات و الملاحظات التى تبنئ بنظرية الاجتماعية للغة . و قد فرض الأمر احيانا الوقوف على الشاهد اللغوى غير مرة ولى فى هذا عذر ابن جنى نفسه حين يقول فى الخصائص : اولا تنستنكر إعادة الحكاية . فربما كان فى الواحدة عدة أماكن مختلفة يحتاج فيها إليها . و لم أعمد إلى كتاب الخصائص أستقصى جميع شواهده أحشدها للمسألة الواحدة و إنما أكتفيت بمثال أو اثنين أدلل من خلالهما على الرؤية المنوى أيضاحها . و كان أن واجة البحث مشكلة قلة المصادر و المراجع فيما يتعلق بعلم اللغة الاجتماعية . فمكتبتنا العربية ليست و فيرة المؤلفات فى هذا العلم . أضف إلى ذلك مشكلة التكرار فى هذه المؤلفات . فما ذكره السعران مثلا فيما يتعلق بالمدرسة الاجتماعية الانجليزية و بنظرية فيرث وجدته عند معظم من كتب بعده . نقلا حرفيا أو مختصرا ، و لا زيادة فيه تذكر . و المؤلفات المترجمة لم تسعف البحث كثيرا لقلتها . باستثناء كتاب هدسون فقد أفدت منه كثيرا . كما أفادت منه المؤلفات العربية و اعتمدت عليه ،كما لاحظت مثلا عند صبرى أبراهيم السيد فى كتابه " علم اللغه الاجتماعى مفهومه و قضاياه" أما منهجية البحث فتقوم على استثمار معطيات علم اللغة الاجتماعى و الوظيفية و سياق الحال فى قراءة عمل ابن جنى فى الخصائص قراءة جديدة تكشف عن مظاهر تنبهه إلى العلاقة المتبادلة بين وقائع الكلام فى ذواتها و ما يكتنفها من أحوال موقف الخطاب و سيافه الخارجى . هذا و قد خلص البحث إلى نتائج منها : 1- إن ابن جنى كان يدرك تماما ذال التلاحم بين اللغة و المجتمع منذ اللحظة التى عرف فيها اللغة بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم . 2- كان ابن جنى يرى أن للغة قطبين ، يتصل أحدهما ببنائها الداخلى . و يتصل ثانيهما بعالمها الخارجى و التواصل قائم مستمر بينهما . 3- قام تحليله اللغوى على المنهجين معا " منهج التحليل اللغوى الداخلى الذى يتناوله بنية اللغة فيحلل و يفسر المتغيرات اللغوية معتمدا على ظواهر و قواعد لغوية محضة ، سواء أكان ذلك فى الأصوات أم فى الأبنية فى التراكيب إلى غير ذلك . ثم منهج التحليل اللغوي الخارجى الذى ميز ابن جنى فيه عدة عوامل تؤثر فى اللغة كالمعنى و التشكيل الاجتماعى و التفاوت الفردى بين المتكلمين . 4- تنبه ابن جنى إلى هذه العناصر متغير فى حد ذاتها . و كل تغيير أو تبديل يطرأ على شخصية المتكلم و المخاطب سواء تعلق بفرض كل مهما أو ذاكرته أو نفسيته أو نبته أو شرعه و عاداته و ثقافته إلى غير ذلك يؤثر على الحدث اللغوى تأثيرا يؤدى إلى المواءمة بين هذه المتغيرات و اللغة من حيث الأصوات و الأبنية و التراكيب ....إلخ 6- اعتنى ابن جنى كثيرا بالسلوك غير الكلامى الذى يصاحب السلوك الكلامى ، و أدرك منذ مئات السنين أن هذا السلوك غير الكلامى يشكل عنصرا أساسيا فى الحدث اللغوى قد لا يستغنى عنه أحيانا . و ربما يحدث إهماله التباسا ما فى المعنى . 7- تحدث عن أدق تفصيلات السلوك غير الكلامى كالانفعال و الاشارة و حركة العين ...الخ ، هذه التفصيلات التى أجريت أبحاث و دراسات عديدة عليها فى عصرنا هذا أثبتت كثيرا مما تحدث به ابن جنى . 8- ذهب ابن جنى إلى أن الكلام المنطوق اكثر صدقا فى التعبير عن المعنى من الكلام المكتوب حتى لو نقل إلينا الحدث اللغوى بعناصرة الداخلية و الخارجية . و هو ما عبر عنه فيرث حين قال الكلام المنطوق دائما فيه دفء الواقع و صدق الحقيقة بخلاف الكتوب فهو جامد ساكن لا حياة فيه ، و يختلف الناس فى ترجمته بالنطق . 9- كان منهج ابن جنى فى تحليله اللغوى منهجا متكاملا حيث قسم عنايته بين عالمى اللغة الداخلى و الخارجى معطيا كلا منهما حقه فى التحليل و دوره فى التأثير . و بعد أن نقول إن ابن جنى كان السابق إلى تمييز هذا الجانب الاجتماعى للغة . و المبادرة للحديث عنه و عن قضاياه . و ان لم يكن السابق إلى مسمياته .
------------------
-------------------------------