المقامات والأحوال في الشعر الصوفي في العصر العباسي
الوصف:
لم يتح لفن الشعر الصوفي أن يستقل بنفسه شكلآ ومضمونآ إلا بعد أن أدرك اصوفية أن حقيقة العبودية لله تنطلق من مفهوم الحب الخالص له تعالى. وكان هذا المفهوم قد تسر إلى حياة الزهاد البكائين من قبل مشوبآ بالخوف من النار والطمع بالجنة ،إلى أن تحرر منها علي يدي رابعة العدوية. زمنذ ذلك الحين، بدأ التصوف يشق طريقه الخاصة به، فأخذ يؤسس لنظام حياة روحية من ناحية علمية وعملية . وبادر إلى وضع تصورات مبدئية لما يسمي بالمقامات والأحوال. وكانت البداية مع الرائدين، الحارث المحاسبي، وذي النون المصرى اللذين وضعا أهم عناصرهما ثم تعاقبت بعدها نظم المقامات والأحوال مجملة ومفصلة. وقد استطاع شعراء الصوفية أن يتمثلوا المقامات والأحوال لا باعتبارهما نظمآ جامدة، وإنما باعتبارهما تجربة روحية تعاش ، وتجنى ثمارها العلمية والعملية، وأخذوا يترجمون ذلك شعرآ منساقين وراء التعبير الوجداني الذي هو من طبيعة الشعر، فكانت الأحوال مرتعا خصيبآ لذلك فلم يملوا من الاستزادة منه، على عكس المقامات التى بدأ حضورها فى الشعر باهتآ. وتبين أن شعر المقامات والأحوال قد أستوعب أغلب طبقات المعاني للمقام الواحد أو الحال الواحد. كما عكست أساليب الشعر أيضا تفاوت الشعراء فى اختبارهم للمقامات الأحوال. وقد اتخذ الشعراء من أساليب الشعر العربي وسيلة رمزية يعبرون من خلالها إلى المعانى العرفانية . وبرر فى هذا السياق التغزل بالمرأة . والتغنى بالخمرة باعتبارهما رمزين يؤولان إلى معنى عرفانى هو الحقيقة المحمدية . كما تميز شعر المقامات والاحوال من ناحية أسلوبية بظهور الطباق والجناس مكونين بنيويين يعكسان استشعار الصوفي للوحدة السارية فى الكون عبر الأضداد والكثرة. وتكونت الرسالة من تمهيد وأبواب ثلاثة. نوقشت فى التمهيد الأسس الفكرية للمقامات والأحوال وانطوى الباب الأول على دراسة المقامات فى الشعر الصوفي فى ثلاثة فصول . وفى الباب الثانى تمت دراسة الأحوال بدءا بالمحبة ومراتبها، وانتهاء بما يتفرع عنها من أحوال كالشوق، والقرب والبعد، والقبض والبسط، والأنس، والسكر والصحو، والفناء والبقاء، وذلك فى أربعة فصول. وانتهى الباب الثالث إلى مناقشة القضايا الفنية التي ....
-----------------
------------------------------------