الرواية الأردنية (1967 - 1990)
الوصف:
تكونت هذه الدراسة من خمسة فصول ناقشت خمس قضايا هي لحمة البحث. وقد تناول الفصل الأول قضية الغربة في الرواية الأردنية ، حيث عرض هذا الفصل حال شريحة ثقافية لها أزمتها الضاغطة ، وشكلت الروايات الثلاث المدروسة في هذا الفصل قاسما مشتركا واضحا لهذه الشريحة ، فبينت دوافع غربتها ، وعرضت لمواقع شقائها في بلاد النفط ، وكشفت عن أزمة خانقة عاشتها هذه الشريحة ، واتفقت في النهاية على عودة هذه العناصر بخسارة كبيرة ، إذ عاد قسم ميتا ، وعاد القسم الآخر يائسا محبطا ، ولكنها ولدت في نفوس هذه العناصر قرارا صريحا بوجوب العودة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وأصرت ف النهاية على ضرورة الحياة من جديد في الوطن الأم موشحة بالعزيمة وقرار البدء هنا بعد كل مسلسل الخاسرات والهزائم هناك . أما الفصل الثاني ، فق تناول مشكلة التضاد الحضاري بين الشرق والغرب ، وحاولت الروايات الخمس التي كانت ميدانا لعرض هذه القضية أن تكون منصفة في إبراز الوجوه الحسنة لكلا الحضارتين ، كما لم تغفل الوجوه السيئة لكلا الحضارتين أيضا ، وتابعت الدراسة حالة التبرم والقلق التي عاشها أبطال هذه الروايات في منتهى الأمر على عودة أبطالها إلى وطنهم دون أن يحققوا انسجاما مع الحضارة الأخرى ، ومعنى هذا دعاية علنية وخفية إلى تفوق الحضارة الشرقية على مقابلتها ضمن رؤى الروائيين أنفسهم من خلال أبطال رواياتهم . أما الفصل الثالث ، فقد تناول مشكلة إنسانية اجتماعية هي الحب أو العلاقة العاطفية القائمة بين الرجل والمرأة ، وفي عرض الروايات لحالات الحب المختلفة اتفقت – الي حد كبير – على ظاهرة محاربة هذه العلاقات العاطفة من قبل المجتمع ، وشاءت بعضها أن يكون للقدر أيضا دور كبير في الوقوف في وجه هذه العلاقات ، وهكذا اتفقت الروايات – باستثناء واحدة – على الهزيمة المدوية لأطراف الحب ، فانتهت بهم إلي الموت أو الانفصال أو الخسارة . وقد تصدى الفصل الرابع لقضية أرهقت المثقفين والكتاب ، وكانت هاجس الكثيرين من قطاع المثقفين وربما غير المثقفين ، ونعني بهذه القضية نكسة حزيران وأثرها في الرواية الأردنية وفي الواقع السياسي والثقافي والشعبي ، وأصرت الروايات المدروسة هنا – باستثناء واحدة – على تشخيص أسباب الهزيمة المتمثلة بغياب الديمقراطية وتسلط الأنظمة السياسية العربية التي لم تدع فرصة للشعب كي يعبر عن رأيه في محاولة لتفادي ما حدث ، ثم إنها اتكأت على بعد آخر وهو غياب المؤسسات أو التنظيمات السياسية والثقافية التي كان باستطاعتها توفير جو م وضوح الرؤى والأيدلوجيات . ولم تقف الروايات عند هذا الحد ، بل إنها شمخت في هجاء المؤسسة السلطوية الحاكمة التي كان لها الدور الأكبر في وقوع الهزيمة , وأخيرا فإن هذه الروايات اتفقت على رسم خط واحد وصريح يمكن من خلاله الصحوة وتجنب هزائم أخرى ، ألا وهو ضرورة وضوح الأيدلوجيات الفكرية سواء منها السياسية أو الحزبية أو الدينية . أما الفصل الخامس ، فكاد يكون امتدادا لسابقه ، وذلك أنه حين تصدى لأزمة المثقف العربي والأردني خاصة ، كان يتمثل وضع المثقف المأزوم بسبب نكسة حزيران ، لكن أزمة المثقف في هذا الفصل تصبح أكثر تعقيدا من حيث بروز الصراع الواضح بين السلطة والمثقف ، بالتالي ملاحقة المثقف في فكره ورؤيته ونظراته ، وقد تصدى جميع أبطال روايات هذا الفصل لعناصر السلطة فواجهوا المطاردة والمصادرة ، واشتغلوا على عنصر آخر ضمن الصعيد الشعبي فواجهوا أيضا غفوة شعبية وسباتا فكريا مطبقا ، وظل قدرهم ملاحقة هذين الجانبين ، وظلوا يرسمون خطط المستقبل المشرق من خلال مناداتهم بالمنهج العلمي والعقلاني والثورة الفكرية والأيديولوجية فحقق بعضهم نوعا من النجاح ، وظل قدر الكثير منهم الدق على الناقوس ، واستسلم بعضهم وأنهار في أحضان السلطة السياسية مدجنا . أما الفصل الأخير ، فقد تناول قضية الريف الأردني وصورة الوضع المعيشي العام للريفيين والفلاحين ، من حيث المسكن والعادات والتقاليد والمناسبات الشعبية ، وغير ذلك من الملامح العامة لهذا المجتمع ، وقد تناولت ثلاث روايات هذه القضية ، واستطاعت ان تنقل صورة حقيقية للريف الأردني كما حاولت عرض مشكلات هذا المجتمع . أما على الصعيد الفني ، فقد حاولت الدراسة ملاحقة الروايات فنيا ، فأظهرت مدى النجاح الفني الذي وصلت إليه بعض الروايات من خلال استفادتها من عناصر التقنيات الفنية الروائية ، وفي الوقت نفسه ...
---------------
--------------------------------