الخلاف النحوي الكوفي
الوصف:
لا ريب أن ظاهرة الخلاف في النحو العربي من أبرز ما تناول الدرس النحوي . فقد عرض لها الباحثون على نطاق واسع ، غير أنهم قصروا أبحاثهم ، في الغالب ، على الخلاف بين البصريين و الكوفيين ، و لم يكن أحدها ليختص بالخلاف النحوي الكوفي وحده . فمن هذا الإحساس بانعدام الأبحاث المختصة في درس الخلاف النحوي الكوفي ، و حاجة الباحثين إلى التعريف بظواهر هذا الخلاف ، و توافر المادة الغزيرة بين يدي حول هذه الظاهرة تعززت لدى رغبة في جلوها و الكشف عن حقيقتها . وبناء على ما تقدم فإن هدفي في هذه الدراسة أن أستقصي الفروق بين نحاة الكوفة ، و أن أرصد ظواهر الخلاف بينهم رصدا جامعا شاملا ، و أن أكشف عن مواردها ، و أن أرد كل رأي إلى صاحبه ، و أن أمحص آراءهم مما نسب إليهم و لم يكن لهم ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، على الرغم من تشتت المادة ، و قلة المصادر النحوية الكوفية . و للدراسة أيضا في نظري أهمية كبيرة ، لعلها ستلقي كثيرا من الأضواء على مناطق مظلمة من النحو الكوفي . فقد درج العديد من القدماء و المحدثين على التسليم المطلق لما ذكر عن الكوفيين و نحوهم و الثقة التامة بما يقال عنهم و ما ينسب إليهم دون تمحيص أو تدقيق . و كثيرا ما كنت أندفع وراء مصادر الكوفيين أنفسهم ، للوقوف على آرائهم و دفع أوهام النسبة و التعميم فيها ، و إن كانت هذه المصادر في مجملها ضيقة محدودة ، و من أهمها كتاب ( معاني القرآن ) للفراء ، و ( مجالس ثعلب ) لثعلب و ( المذكر و المؤنث ) و ( شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات ) لأبي بكر بن الأنباري ، كما كان لكتب النحو القديمة ، و هي كثيرة ، قيمة عظيمة في رصد ظواهر الخلاف بين الكوفيين مستقصاه منسوبة إلى أصحابها في غالب الأحيان . و قد أدت طبيعة البحث إلى أن يكون في ثلاث أبواب تسبقها مقدمة ، و يتبعها ملخص لأهم نتائج البحث . أما الباب الأول : فقد ضم أربعة فصول بينت في الفصل الأول – و بإيجاز شديد – مسيرة النحو و مكانة الرواد الأولين في هذه المسيرة ، فتحدثت عن نشأة النحو العربي و بدايات تشكل النظر النحوي الكوفي ، و نحو الكوفيين و أعلامه ، و خصصت الفصل الثاني للخلاف النحوي فأحصيت ابتداء ما عرفته من كتب الخلاف النحوي المطبوع منها و المفقود ، ثم تحدثت عن نشأة الخلاف ، و العوامل التي غذته و عملت علي ثرائه ، و عرضت في الفصل الثالث إلى أبرز الملامح الرئيسية لاتجاهات النحويين الكوفيين المتمثلة في اعتماد منهج السماع و القياس ، و وقفت في الفصل الرابع على افتراق الكوفيين و اختلافهم في استخدام المصطلح النحوي . و أما الباب الثاني : فجعلته للظواهر الخلافية في الأبواب النحوية ، وما يتعلق بها ، و اشتمل هذا الباب على أربعة فصول فقد أبرزت في الفصل الأول الخلاف الكوفي في الإعراب و البناء ، و كشفت في الفصل الثاني عن مواقف النحويين الكوفيين و أنظارهم المختلفة من فكرة العامل النحوي ، و عرضت في الفصل الثالث الخلاف الكوفي في العلة النحوية ، و خصصت الفصل الرابع الخلاف النحوي الكوفي في نظام الجملة العربية و ما يتعلق بأجزاء هذا النظام . و أما الباب الثالث : فجعلته في الأدوات النحوية ، و قسمته بحسب تألف هذه الأدوات و ارتباطها بعضها ببعض إلى أربعة فصول ، تحدثت في الفصل الأول عن الخلاف الكوفي في عمل الأدوات و وقفت في الفصل الثاني على خلافهم في معاني الأدوات ، و كشفت في الفصل الثالث عن الخلاف الكوفي في زيادة الأدوات . و عرضت في الفصل الرابع لاختلاف الكوفيين في خصائص الأدوات و طبيعتها من حيث البساطة و التركيب ، و أسماء هي أم أفعال أم حروف . و أخيرا فقد بين البحث أن الخلاف النحوي الكوفي يكاد يشمل جميع الأبواب النحوية ، ولا شك أن مثل هذه الخلافات العريضة تسيئ إلى وحدة منهج ..
------------------
--------------------------------